عبدالزهرة محمد الهنداوي
سجلت تجربة المشاريع الاستثمارية التي تنفذها الحكومة، الكثير من الاشكالات والعراقيل والمعوقات التي اكتنفت تنفيذ تلك المشاريع على مدى الأعوام الخمسة عشر الماضية، الأمر الذي أدى إلى توقف الكثير منها وتلكؤ البعض الاخر، وتأخر إنجازها ضمن توقيتاتها الزمنية المثبتة في الخطط السنوية، فاستمرت قطاعات التنمية المختلفة تسجل تراجعا في مختلف المجالات، وهذا انعكس سلبا على مستوى الخدمات، فضلا عن حالة الاندثار الكبيرة التي واجهتها المشاريع، ولعل المشكلة الاكبر التي أدت إلى عرقلة مشاريع التنمية، التي تُعد بالآلاف، هي عدم توفر التخصيصات المالية المطلوبة، في ظل الازمات المتلاحقة التي تواجهها اسعار النفط، الذي يمثل المورد الأساس للتمويل.
وإذا أردنا أن نشخص المشكلة على وجه الدقة، فنجدها تكمن في آليات التنفيذ والتمويل، فقد جرّت العادة على أن يتم إدراج المشاريع التي يُراد تنفيذها من قبل الوزارات والمحافظات، ضمن البرنامج الاستثماري الذي تعده وزارة التخطيط، وفقا للكثير من المتطلبات، وفي الغالب فإن مدد تنفيذ المشاريع لأكثر من سنة وبحسب طبيعة وحجم كل مشروع، قد تصل مدة التنفيذ إلى أربع او خمس سنوات، على أن يتم توزيع التخصيصات المالية بين سنوات المشروع، ولكن الذي يحدث هو عدم القدرة على تمويل المشروع بسبب شح الايرادات، فيتأخر انجازه، وعندما تتوفر السيولة المالية، فإنها لن تكون كافية لتعويض حالة الاندثار واكمال المشروع، كما أن من الأسباب الأخرى وراء تأخر الإنجاز، هو وجود كم كبير من المشاريع، وهذا الأمر يؤدي بطبيعة الحال إلى تشتت الموازنات الاستثمارية وهي بالأصل تعاني من الضآلة، قُبالة الموازنات التشغيلية.
اذن، هل ثمة حل يمكن من خلاله معالجة هذه المشكلة، وزيادة وتيرة إنجاز المشاريع؟ نعم بالتأكيد، فأولى هذه المعالجات ترتبط بتقليل وتقنين المشاريع، وفقا للامكانات المالية المتاحة، وعدم إدراج أي مشاريع جديدة، لحين الانتهاء من تلك الموجودة على قيد التنفيذ، والأهم من هذا وذاك، أن يتم توفير التخصيصات المالية للمشروع كاملة، منذ لحظة إدراجه، لضمان انجازه، وعدم ترك ذلك لظروف الموازنة، وهذا الاجراء من شأنه أن يسهم في تقنين المشاريع ويضمن تنفيذها بنحو سليم.
وقد يكون من المناسب أن يُصار إلى اعتماد آلية صندوق سيادي لشؤون الاعمار وتنفيذ المشاريع، ومع إدراج أي مشروع، يتم في المقابل توفير تخصيصاته كاملة، وتودع في الصندوق، يرافق ذلك تسهيل الاجراءات الخاصة بآليات العمل، وتشديد عملية المتابعة الجدية من أعلى المستويات، لضمان تنفيذ المشاريع بنحو سليم.