الأوكرانيون في سباق لإنقاذ التراث الثقافي

ثقافة 2022/03/18
...

 ترجمة: ثريا جواد
 
يعتقد الكثيرون من الأوكرانيين أن تدمير الأصول الثقافية هو جزء من ستراتيجية الكرملين «لمحو» أوكرانيا كدولة مستقلة ذات سيادة، حيث وقفت ليليا أونيشينكو أمام كاتدرائية لاتينية في مدينة لفيف والتي تعد المركز التاريخي لواحدة من أكثر مدن أوروبا أهمية من الناحية الثقافية وعرضت وجهة نظرها عن الغزاة الروس قائلة: «إنهم برابرة ولا يهتمون بما يدمرونه» أنا لم أقابل هتلر في حياتي ولكني أعتقد أن بوتين أسوأ منه.
عمال البناء خلفها منهمكون في إقامة سقالات حول كنيسة صغيرة من عصر النهضة كانت الأفاريز التي تظهر يسوع - في بستان جثسيماني اعتقله الجنود الرومان - على وشك الانتهاء وفي مكان قريب كان هناك فريق يجلسون على رافعة عملاقة للصعود إلى نوافذ الكاتدرائية ذات الزجاج الملون.
تقول أونيستشينكو رئيس مكتب حماية التراث في مجلس مدينة لفيف: «إذا فقدنا ثقافتنا فإننا نفقد هويتنا» لطالما كانت لفيف متعددة الثقافات بناها البولنديون والألمان واليهود والأرمن والهنغاريون، فضلا عن أنه مدرج في قائمة اليونسكو، وأضافت: إنها وزملاؤها كانوا يشقون طريقهم من خلال قائمة طويلة من الأشياء التي تحتاج إلى الحماية.
إلى جانب هذه الكارثة الإنسانية تعرضت الأصول الثقافية للقصف والتلف من بينها متحف في مدينة إيفانكيف شمال غرب كييف والذي يضم عشرات الأعمال للفنانة الشعبية الأوكرانية ماريا بريماتشينكو التي فقد بعضها الآن إلى الأبد، إذ قصفت القوات الروسية الأسبوع الماضي كاتدرائية الافتراض في خاركيف وأبقت الحطام منتشرا فيها.
وفي مقطع فيديو تم تسجيله في وقت مبكر قال الرئيس الأوكراني زيلينسكي: إن موسكو دكت بالأرض كنيسة خشبية تعود إلى القرن التاسع عشر في قرية فيازيفكا في منطقة جيتومير الغربية ونشرت أولها روتكوفسكا عضو جمعية حماية الآثار على موقع فيسبوك «عمل إبادة جماعي ضد الأمة الأوكرانية».
صرحت أولها هونشار مديرة متحف لفيف إلى صحيفة الغارديان: «كان الاتحاد السوفيتي نظامًا شموليًا كبيرًا» لقد حاولوا جعل كل شيء على حاله ولديهم نوع واحد من النصب التذكارية ونوع واحد من الأسلوب الفني بواقعية اشتراكية، موسكو تريد القضاء على الثقافة الأوكرانية. 
وذكرت هونشار التي تدير المتحف التذكاري للأنظمة الاستبدادية في المدينة - أن الفنانين الأوكرانيين قاوموا هيمنة موسكو خلال الحقبة الشيوعية واليوم انضم المغنون والممثلون والموسيقيون إلى قوات الدفاع عن النفس الأوكرانية وكانوا يقاتلون ضد روسيا ولقي النجم السينمائي باشا لي مصرعه يوم الأحد في قصف في إيربين خارج كييف. أطلقت مجموعة من مديري المتاحف مبادرة لإرسال أموال للعاملين الثقافيين في جميع أنحاء البلاد وكان من بينهم موظفو المتاحف والمكتبة الذين يعيشون في مدن جنوبية مثل خيرسون التي تخضع الآن للاحتلال الروسي، وقالت هونشار إنه لم يتم دفع أي منها مع استخدام رواتب من المفوضية الأوروبية ومانحين آخرين من أجل شراء الطعام.
تم إخفاء العديد من كنوز المدينة الأخرى التي تضمنت قطعة خشبية ثمينة تُظهر يسوع ومريم، أما مريم المجدلية فتمت إزالتها من الكنيسة الأرمنية في لفيف من القرن الرابع عشر ونقلت إلى ملجأ، وقد تمت إزالة التمثال آخر مرة من ساحة الفناء قبل وقت قصير من اجتياح النازيين للمدينة في عام 1941، ومن اللافت للنظر أن الهندسة المعمارية التاريخية لمدينة لفيف نجت من الحرب العالمية الثانية.
أنقذ عمال مجلس المدينة الذين يرتدون بدلات المرجل الزرقاء قبل أيام أربع نوافير من الحجر الجيري مزينة بالمنحوتات الأسطورية تحتل كل ركن من أركان ساحة السوق القديمة في لفيف ولكن في العاصمة كييف، الوضع أكثر خطورة ففي الأسابيع التي سبقت الحرب  اتخذ وزير الثقافة أولكسندر تكاتشينكو خطوات قليلة للحفاظ على تراث العاصمة وكانت حكومة زيلينسكي مترددة في إزالة المعروضات خشية أن يسهم ذلك في إثارة حالة من الذعر وتم الآن سحب بعض الأعمال من صالات العرض بما في ذلك متحف كييف الفني مع روائعه الروسية في القرن التاسع عشر.
الصورة قاتمة في أماكن أخرى من البلاد وهناك مخاوف بشأن مصير متحف صغير مخصص لأنطون تشيخوف في سومي شمال شرق أوكرانيا حيث قضى الكاتب المسرحي الروسي بعض الوقت عندما كان شابًا في أواخر ثمانينيات القرن التاسع عشر وتم الإبلاغ عن القصف والقتل بالقرب من المتحف.  
يقوم المتطوعون بتحديد وأرشفة المواد من المؤسسات الثقافية الأوكرانية لحفظها للأجيال المقبلة ويشارك أكثر من 1,000 أمين مكتبة وأرشيف وباحث في حفظ التراث الثقافي الأوكراني عبر الإنترنت باستخدام مجموعة من التقنيات للزحف إلى المواقع والمحتوى وأرشفتهما.
 
عن الغارديان