الحياد العراقي

آراء 2022/03/18
...

 نجاح العلي
 
بعيدا عن الاستقطابات والبغض والموالاة تجاه الأحداث والأشخاص في شخصية الفرد العراقي والتي انسحبت بطبيعة الحال على طبيعة المجتمع العراقي، كما يصفها عالم الاجتماع المتميز علي الوردي بأنه يحمل آراء متطرفة ازاء كل شيء في الحياة، جاء الرد الرسمي العراقي العقلاني المحايد تجاه الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، اذ امتنع عن التصويت في مجلس الامن الدولي بشأن اتخاذ قرار يدين روسيا.
هذا الحياد الرسمي قابلته في الأوساط الثقافية والسياسية اراء متطرفة مؤيدة وبقوة للحرب ومعارضة كبيرة لها، في حين نجد الناس البسطاء في الشارع والأسواق غير آبهين بما يحدث، لأنهم جربوا ثلاث حروب كبرى مر بها العراق ودفع ثمنها المواطن العراقي البسيط من قوت يومه ومن صحته وكرامته، رغم أن تداعيات الحرب بين روسيا وأوكرانيا انسحبت على واقعه المعاشي، اذ ارتفعت أسعار المواد الغذائية والأدوية والسلع والخدمات لكن بنسب متفاوتة، فالمنطق والعاطفة والدين يحثوننا على كره القتال والحرب والاقتتال والاختلاف وحب السلام والتفاهم والحوار.
العولمة والارتباط العضوي بين دول العالم جعلتها تتأثر بما يحصل على سطح المعمورة، فالتغيرات المناخية والحرائق والجفاف والفيضانات التي تحصل في بلد ما، تكون ارتداداتها كبيرة على البلدان الأخرى والأمر ينطبق على الحروب والصراعات والهجرة، فكما اتحد العالم لمواجهة التغيرات المناخية لتقليل الانبعاثات الكاربونية واتحاده للتصدي لوباء كورونا وإيجاد لقاح له وتحجيم تأثيره، وبالإمكان لو توحدت وتكثفت الجهود الدبلوماسية والوساطات الدولية لأمكن إطفاء فتيل الحرب وتهدئة النفوس والقلق الدولي وحمى ارتفاع الأسعار، والجلوس على طاولة المفاوضات وتقديم تطمينات تحفظ الأمن القومي لكلا البلدين، وصولا إلى التعايش السلمي بين الدولتين الجارتين اللتين ترتبطان بعلاقات تاريخية وثقافية واقتصادية متميزة ووثيقة، بعيدا عن التصعيد الحربي والتهديد النووي وفرض العقوبات وما رافقه من تصعيد سياسي وإعلامي وحرب اعلامية لم نشهد لها مثيلا، والتي أججت الحرب وصعدت من حدتها وقللت من فرص الحوار والهدنة والاتفاق على ايقاف الحرب وتداعياتها على دول العالم، لو استمرت وانزلقت إلى مستويات أخطر لا يحمد عقباها.