عمر سعد سلمان
رغم امتلاك بعض الشباب لفرصة عمل وراتب جيد إلّا أنهم أهملوا تحويل جزء من ايراداتهم الشهرية الى استثمارات طويلة الأجل تتحول بعدها الى ثروة متراكمة بعد بلوغهم سن الـ 50 سنة. فلو اطلعنا على سيرة المستثمر العصامي (وارن بافيت) نجد أن 99 % من ثروته الحالية جاءت بعد عمر الـ 50 سنة رغم أنه بدأ مبكراً في طريق الاستثمار. فغالبية الشباب يكررون جملة (اريد عيش حياتي اليوم ولا انتظر حتى أكون ثرياً) ولكن عند وصول الشخص لعمر كبير غالباً سيندم انه لم يستثمر.
لكن الاستثمار مخالف للطبيعية البشرية التي تحتم علينا الرغبة في نيل الملذات الفورية مثل شراء سيارة او السفر التي قد توحي أنها مصدر السعادة، وهذا سبب رغبة الكل في الانفاق اليوم وترك الانتظار والصرف لاحقاً. والملذات الفورية هي مجرد سعادة مؤقتة ينتهي أثرها بسرعة وبعدها الشخص يبحث عن ملذات أخرى أكبر، بمعنى لو اشتريت سلعة تريدها فسوف تسعد بها لفترة معينة ولاحقاً سوف تعتاد عليها وتريد سلعة أخرى جديدة. والمصيبة بأن الغالبية يتوقع سلعة الأولى سوف تجلب السعادة، وهذا الامر غير صحيح لذلك هي ليست الحل.
والمقصد هنا ليس هو حرمان النفس من أجل أن تصبح مثل وارن بافيت، فمن غير المنطقي أن يعيش الإنسان معدما وفي حياة صعبة من أجل ان يستثمر ويصبح مثل بافيت لكن الاستثمار يعني تخصيص جزء من دخلك شهرياً للاستثمار بشرط أن لا يؤثر هذا الجزء كثيراً على المعيشة اليومية، ولكن الشباب يتمسكون بحجة أخرى بأن المبلغ الذي سوف يستثمرونه بسيط جداً ومع التضخم لن يكون له أي قيمة، وهذه الحجة يستخدمها الكسالى، لأنه موجود دائماً وأبداً سواء دخلك مليون او 10 ملايين دينار، فالتضخم موجود ولا يمكن التحكم به ومن ثم فوجود المال مع التضخم أفضل من عدم وجوده مع التضخم. فأغلب البشر يعجزون عن فهم أن الوقت سلاح يعمل لصالحك في الاستثمار وليس ضدك.
إنَّ المبالغ البسيطة سوف تنمو بشكل مستمر عبر السنين حتى تصبح مبلغا محترما. ومن المعلوم أن أكثر من 87 % من سكان العالم يعيشون من راتب الى آخر، ولا يملك أي منهم مبلغ 100 ألف دولار، ومن دون هذه الخطة مستحيل ان يكون لديك مبلغ كبير يعادل هذا المبلغ بعد 20 سنة، فالشخص كل ما كبر في العمر ضعفت رغبته للمخاطرة وكسب المال.
وهناك ميزة تنافسية يملكها الأثرياء عن بقية البشر وهي قدرتهم على رؤية قوة الاستثمار الذي يعطي مالاً وأنت في بيتك من دون مجهود. فهم يدركون بأن الاستثمار سيزيد من قيمة المال غداً وبشكل أفضل من أي أمر آخر.
الاستثمار في الشركات العراقية المساهمة التي تؤثر في الحياة اليومية مثل (مجموعة من الشركات المدرجة في سوق العراق للاوراق المالية) سيعطي شعوراً بالأمن المالي، ومن الأفضل جعله بشكل تلقائي ومن دون اتخاذ قرارات، وبعد 5 سنوات من هذا القرار سترى بأنه أفضل قرار اتخذته في حياتك في ما يخص المال، تأمين مستقبلك ومستقبل أسرتك. فالاستثمار هدية من الله ولو كل البشر فهموه لرأينا الجميع اليوم أثرياء ولكن الغالبية العظمى لا ترى هذا الشيء.