في وقت تصاعدت فيه الدعوات لإنشاء مدنٍ صناعيَّة في جميع المحافظات من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتوزيع اختصاصات هذه المدن بحسب المواد الأوليَّة المتوفرة في كل محافظة، توقع خبيرٌ ماليٌّ بأنْ يحققَ مشروع "النبراس" عند اكتماله أرباحاً تقدر بمليار دولار سنوياً وتشغيل نحو 50 ألفاً من أهالي محافظة البصرة. يأتي هذا في وقت أعلنت فيه هيئة استثمار البصرة، استكمال جميع الإجراءات الخاصة بإنشاء أكبر مدينة صناعيَّة في المحافظة.
ودعا الخبير المالي ثامر العزاوي، إلى الإسراع في البدء بتنفيذ مشروع (النبراس- مجمع بتروكيمياويات البصرة) العملاق.
وكان وزير النفط إحسان عبد الجبار، قد رجَّح التوقيع على مذكرة التفاهم النهائيَّة بشأن المشروع العام الماضي، إلا أنَّ ذلك لم يحدث.
مشروع البتروكيمياويات
وقال العزاوي في حديثه لـ"الصباح": إنَّ "أمانة مجلس الوزراء قد أكدت في شهر شباط الفائت أنَّ المباشرة بمشروع بتروكيمياويات (النبراس) قد وصلت إلى مراحل متقدمة".
ولخص الخبير أهميَّة المشروع، بأنَّه يعدُّ رابع أكبر مصنع للبتروكيمياويات في العالم والأكبر على مستوى الشرق الأوسط، لا سيما أن تكلفته تبلغ 11 مليار دولار، وأنَّ الأرباح السنويَّة المتوقعة عند اكتماله بشكلٍ كاملٍ تبلغ مليار دولار، فضلاً عن أنَّه سيوفر فرص عمل لنحو 50 ألف شخص خلال مرحلتي التنفيذ والتشغيل.
وعلى وفق وزارة النفط، فإنَّ المشروع يجري الاستعداد لتنفيذه بالتعاون مع وزارة الصناعة من جهة وشركة (شل) العالميَّة من جهة أخرى، بطاقة مليون و800 ألف طن سنوياً من مادة (البولي أثيلين).
في غضون ذلك، رأى الخبير والمختص بالمجال الصناعي عقيل السعدي أنَّ "المدن الصناعيَّة والمشاريع الضخمة مقدمة لإنهاء الاقتصاد الريعي من جهة، وخطوة مهمَّة لتشغيل الأيدي العراقيَّة العاملة وتوفير مليارات الدولارات خلال السنوات المقبلة من جهة أخرى".
ولفت في حديثه لـ"الصباح" الى أنَّه "لا يمكن أنْ يبقى العراق مستهلكاً وسوقاً للبضائع الأجنبيَّة التي أغلبها رديئة ولا تتماشى أو تتطابق مع معايير الجودة والسيطرة النوعيَّة العراقيَّة"، وأكد "أهمية إنشاء مدينة صناعيَّة في كل محافظة وأنْ تختص هذه المدينة بالإنتاج حسب المواد الأوليَّة لكل محافظة لتحقيق التكامل الصناعي بين جميع المحافظات".
وفي إطارٍ متصل، أعلن رئيس هيئة استثمار البصرة علاء عبد الحسين أنَّ "الإجراءات الخاصَّة بإنشاء مدينة صناعيَّة في المحافظة قد بدأت، وتم اختيار الموقع المناسب لإنشائها وعلى مساحة 1000 دونم، وتم الحصول على موافقة الحكومة وهي الآن قيد الإنجاز".
وأضاف، أنه "سيتم استكمال جميع الموافقات القطاعيَّة تقريباً بالتنسيق مع الحكومة المحليَّة"، وبين أنَّ "المدينة بمشروعها الاستثماري تعدُّ أول وأكبر مدينة صناعيَّة في المحافظة".
وأشار في تصريح نقلته وكالة الأنباء العراقية "واع"، إلى أنَّ "المدينة ستضمُّ أكبر معملٍ للحديد والصلب في العراق، بطاقة تصميميَّة تصل إلى أكثر من مليون طن من حديد التسليح، وستكون البصرة مدينة للخدمات الاقتصاديَّة واللوجستيَّة وستسهمُ في تشغيل عددٍ كبيرٍ من الأيدي العاملة".
يشار الى أنَّ هيئة استثمار البصرة، أوضحت أنَّ كلفة المشروع بلغت 15 ملياراً و400 مليون دينار، لافتة الى أنَّ المشروع سيضم سبعة معامل للبنى وسينجز خلال مدة أقصاها سنة واحدة.
والمدينة الصناعية في البصرة ستشمل 7 معامل ألمانيَّة المنشأ مختصة بإنتاج الإسفلت ومعامل لصناعة غرف التفتيش والكونكريت، فضلاً عن معامل متخصصة بصناعة حجر الأرصفة، إذ سيكون إنتاجها ذا مواصفات عالية الجودة وكذلك سيسهمُ هذا المشروع في توفير فرص عملٍ كبيرة للعاطلين في محافظة البصرة.
السياسات الصناعية
قي تلك الأثناء، بحثت وزارة الصناعة والمعادن إمكانية إنشاء مركزٍ لوضع السياسات الصناعيَّة بين الوزارة واتحاد الصناعات العراقي.
جاء ذلك خلال الاجتماع الذي عقد بين الوزارة واتحاد الصناعات العراقي، إذ تمت مناقشة سبل تطوير القطاع الصناعي والعمل على تطوير السياسات الاقتصاديَّة وتحسين فرص التوظيف في البلد من خلال التعاون بين القطاعين العام والخاص وتطوير القدرات والاستشارات الفنيَّة ودعم عمليات صنع السياسة الصناعيَّة.
وأكد مدير عام دائرة التطوير والتنظيم الصناعي في الوزارة، بحسب بيان تلقته "الصباح"، ضرورة أنْ تكون المشاريع مبنيَّة على أساس التكنولوجيا الحديثة والمتطورة والاعتماد على الطاقة النظيفة الصديقة للبيئة والاستخدام للأدوات وآليات الملكيَّة الفكريَّة لتطوير واقع الصناعة، مشيراً إلى أنَّ دائرة التطوير والتنظيم الصناعي وبالتعاون مع المديريَّة العامَّة للتنمية الصناعيَّة قامت بتدريب وتطوير قدرات طلبة الجامعات العراقيَّة وتهيئتهم للعمل في القطاع الصناعي من خِلال تأسيس المشاريع وتوفير فرص العمل لهم.