العراق.. تدمير وطن

آراء 2022/03/23
...

  نرمين المفتي 
لا بد لي أن أتساءل أين وسائل الإعلام العراقية من هكذا عمل، الذي يوضح الكثير من الحقائق؟ أنها قضية العراقيين قبل كل شيء، تماما مثل جهود عدد من الفضائيات الناطقة بالعربية لشبكات غربية وثقت على مدى سنوات ما بعد الاحتلال، ومن خلال حوارات مع شخصيات عراقية وعربية وأجنبية ما حدث في العراق، وهناك بعض الفضائيات العراقية الخاصة تحاول أن توثق هذا التاريخ
تحت هذا العنوان الذي استخدمته للمقال، نفذت DW العربية وثائقية وعرضتها في اربع حلقات.. وكانت هذه الفضائية قد قدّمت هذه الوثائقية في موقعها على الانترنت في تقرير عن كل حلقة قائلة "للمرة الأولى، يحكي مسلسل وثائقي قصة الصراع المستمر منذ 40 عامًا، والذي أدى في نهاية المطاف إلى الفوضى في العراق. حقبة زمنية رافقتها أكاذيب وخيانات وتلاعب بالحقائق. 
فيلم يتكلم فيه سياسيون وشهود معاصرون من الولايات المتحدة وفرنسا، وكذلك نواب من الأمم المتحدة وعراقيون ليحكوا تجاربهم في الصراع المستمر منذ 40 عامًا، والذي دمر العراق في نهايته بالكامل". تغطي الوثائقية العراق وما حدث ضده سواء بسبب أخطاء النظام السابق من تموز 1979 إلى ما بعد الاحتلال وتسلط الضوء على حقائق مرعبة 
وموجعة. 
غالبية المتحدثين العراقيين مواطنون، لكنهم يتحدثون بلغة سياسية وعراقية يفتقر اليها غالبية السياسيين، بينما المسؤولون يتحدثون، كلاً كما يرى نفسه فقط، مثل المسؤول الذي يشير إلى محاولات اغتياله ومنها واحدة في منطقة العلاوي، التي تسببت باستشهاد العديد من المدنيين، بينما مركبته المصفحة تأثرت بالشظايا فقط! في الوثائقية وثائق على علم البيت الابيض عن تأثير الحصار في العراقيين فقط، وليس على النظام.
لكنه أصرَّ على تمديده، وأخرى تشير إلى كيفية تدمير العراق مرحلة بعد أخرى وكيف دفعت الدول الغربية والعربية النظام إلى الحرب ضد ايران، وكيف ساهمت سواء بالحصار او بتدمير العراق في 1991 والغزو، ومن ثم الاحتلال والحرب الطائفية والارهاب الاسود.. وثائقية لا بدَّ أن يشاهدها كل عراقي، ليكتشف كيف صودرت سنواته وأحلامه منذ تموز 1979 وحتى الآن، وربما لعقود قادمة طويلة، وكيف خططت أميركا بإصرار لتدمير العراق، ليس نظاما فقط، بل قيما وشعبا ووحدة وسيادة.. وكيف ساهمت الأمم المتحدة بجريمة ضد الانسانية من خلال مجلس الامن وقراره 661، الخاص بالحصار، يتحدث فيها شهود مثل دنيس هاليداي و فون سبونيك، اللذين شغلا منصب منسق الامم المتحدة لتنفيذ برنامج النفط مقابل الغذاء، واللذين استقالا واحدا تلو الآخر، بسبب التلاعب في البرنامج وعدم حصول العراقيين على كفايتهم من المواد الاساسية، ليست الغذائية والطبية فقط، إنما تلك التي لها علاقة بالبنى التحتية ايضا.. ويتحدث شاهد عيان عن مدرعة أميركية ودهسها لسيارة كانت تقل عائلة سحقتهم مع السيارة، ووجدوا طفلا صغيرا في حضن والدته، كانت قد حاولت حمايته من الموت دهسا.. ومسؤولون أميركيون يتحدثون عن عدم وجود اية خطط للعراق ما بعد 
(التحرير)! 
وبعيدا عن الوثائقية المهمة هذه، لا بد لي أن أتساءل أين وسائل الإعلام العراقية من هكذا عمل، الذي يوضح الكثير من الحقائق؟ أنها قضية العراقيين قبل كل شيء، تماما مثل جهود عدد من الفضائيات الناطقة بالعربية لشبكات غربية وثقت على مدى سنوات ما بعد الاحتلال، ومن خلال حوارات مع شخصيات عراقية وعربية وأجنبية ما حدث في العراق، وهناك بعض الفضائيات العراقية الخاصة تحاول أن توثقَ هذا التاريخ، خاصة الأربعين سنة الاخيرة من خلال الحوارات ايضا، وإن كانت تختلف اسئلة الحوار من فضائية إلى اخرى استنادا إلى أجندتها. 
ما أريد أن أقوله، إن في (العراق.. تدمير وطن) وفي عشرات الكتب والوثائقيات التي صدرت سواء في تسعينات القرن الماضي او بعد الاحتلال المئات من الوثائق، التي توفر للحكومة العراقية الأدلة الكافية لرفع دعاوى ضد كل من يرد اسمه فيها في المحكمة الجنائية الدولية المختصة في الجرائم ضد الانسانية، أقول الحكومة العراقية لأن هكذا دعاوى تتطلب مبالغ مالية كبيرة، لا يملكها الافراد الذين تضرروا كثيرا، سواء من الحصار او ما بعد الاحتلال، وتساعد الحكومة ايضا بطلب التعويضات للمتضررين من العراقيين وللعراق أيضا.