الركود الجديد

آراء 2022/03/23
...

  غفران عبد العزيز
 
يراقب الكوكب بأسره عن كثب آخر التطورات لأسوأ صراع عالمي في العصر الحديث. حيث بدأت الأسواق المالية في الانهيار، والاقتصاد يتدهور بوتيرة تنذر بالخطر، ما أثار مخاوف، من أن العالم قد يكون في طريقه إلى ركود عالمي مروع. وبدون دعم أكبر اقتصادين على هذا الكوكب، سينهار العالم في حالة من الفوضى.
في هذه الأثناء، تنفجر كتلة من الجحيم في الصين مع استمرار موجة جديدة من حالات الإصابة بالفيروسات وتؤدي إلى إغلاق كبير للأعمال التجارية. فوِفقًا للتقارير المحلية، أدت موجة جديدة من الإصابات إلى ارتفاع عدد الحالات في الأسابيع القليلة الماضية، حيث أبلغت 16 مقاطعة عن إصابات جديدة بالفيروس مثل المدن الكبرى كـبكين وتيانجين وشانغهاي وتشونغتشينغ التي شهدت أكبر زيادة منذ أكثر من عامين. ونتيجة لذلك، اتخذت الحكومة الصينية اجراءات بوقف جميع العمليات وعدم التسامح مطلقاً مع الأزمة الصحية. وفقًا لـ بلومبرغ، تمَّ أمر جميع الشركات باستثناء تلك التي تزود الطعام والوقود والضروريات الأخرى بالإغلاق أو العمل من المنزل.
يجب أن نبدأ في الاستعداد لجولة جديدة من الفوضى المتتالية في سلاسل التوريد العالمية، والتي ستأتي على رأسها الاضطرابات التي تسببت فيها الأزمة الأوكرانية، والعقوبات المفروضة على روسيا، تضع التعاون الاقتصادي بين روسيا والصين في خطر كبير.
إنَّ سوق السندات الصينية آخذة في الانهيار. وتظهر التشققات أيضًا في كل ركن من أركان سوق السندات الحكومية في الصين، حيث ارتفعت عائدات السندات السيادية ذات العشر سنوات إلى 2.86٪، وهي أعلى نسبة هذا العام. ولا يزال انهيار سوق الإسكان في الصين قائمًا، حيث يواصل مطوروها الكبار رؤية فوهات مبيعات المنازل شهرًا بعد شهر وسط سوق مجمدة فعليًا. ومما زاد الطين بلة، أن البلاد تواجه أيضًا أزمة ائتمانية، حيث انخفض الإقراض العقاري لأول مرة منذ 15 عامًا. أصبح الوضع حرجًا لدرجة أن المستثمرين الأجانب يتخلصون من السندات الصينية بكميات قياسية. في الشهر الماضي، خفضوا حيازاتهم من السندات الحكومية الصينية بأسرع وتيرة، حيث باعوا 35 مليار يوان من السندات الحكومية الصينية، وهو ما يمثل أكبر تخفيض شهري على الإطلاق، وفقًا للبيانات التي جمعتها بلومبرغ.
والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن المحللين يجادلون بأن البديل الوحيد لتعزيز الاقتصاد الصيني ومنعه من الوقوع في ركود هائل هو زيادة السيولة لدى البنوك المركزية. من ناحية أخرى، فإن الولايات المتحدة تتخذ النهج المعاكس تمامًا، مع استعداد الاحتياطي الفيدرالي لرفع أسعار الفائدة لمحاربة التضخم المتفشي. على كل جانب من العالم، لا تزال الظروف تتدهور بسرعة كبيرة، ولسوء الحظ، ما رأيناه حتى الآن هو مجرد غيض من فيض. لقد وصلنا إلى نقطة تحول ولن تكون الأمور كما كانت.