بعد يوم من جريمته.. سفاح نيوزيلندا أمام المحكمة بتهمة القتل

قضايا عربية ودولية 2019/03/16
...

ويلينغتون  / وكالات
 
 
منذ اللحظات الاولى لتعالي الصيحات المسلمة داخل المسجد الذي تعرض لهجوم ارهابي من قبل متطرف استرالي حتى اتسعت دائرة التضامن العالمي بكافة الديانات والطوائف للتنديد بكل فعل يؤدي الى شيوع الكراهية والتفرقة والعنف، فيما تباينت طرق الدعم والمواساة للضحايا المسلمين في نيوزيلاندا التي وصفها ساكنوها من الجالية المسلمة، بأنها المنطقة الآمنة والمسالمة دوما.
وبشأن الحادثة الاليمة مثل الأسترالي برينتون تارانت منفذ الاعتداء الإرهابي على مسجدي مدينة كرايست تشيرش بنيوزيلندا امس السبت أمام محكمة بالمدينة حيث وجهت له تهمة القتل.
واستمع مدرّب اللياقة البدنية السابق والناشط اليميني وهو مكبل اليدين ويرتدي قميصا أبيض يلبسه المعتقلون، إلى التهمة الموجهة إليه من دون إبداء أي ندم، أو مطالبة بالإفراج عنه بكفالة. وعقدت الجلسة الأولى وسط إجراءات أمنية مشددة، حيث كانت هناك دعوات لقتل تارانت من دون محاكمة، فيما ذكرت صحيفة محلية أن شخصا حاول التسلل إلى قاعة المحكمة وبحوزته سكين لطعن المتهم.
 الى ذلك رجحت الشرطة النيوزيلندية أن الاعتداء الإرهابي على المسجدين قد نفذه المتهم الرئيس في الجريمة برينتون تارانت، وأنه أتم جريمته بمعزل عن مساعدة أعوانه من المتطرفين.
وقال قائد الشرطة النيوزلندية مايك بوش في مؤتمر صحفي، إن الشرطة تمكنت من اعتقال برينتون تارانت منفذ الهجوم بعد 36 دقيقة من اعتدائه على مسجد النور وأسندت إليه تهمة إطلاق النار. وأكد أن الشرطة، ترجح أنه انتقل من مسجد إلى ثان ليطلق النار على المصلين وأنه يتحمل مسؤولية الجريمة بمفرده. وأشار، إلى أن التسجيلات الصوتية تدل على أن تارانت، حاول الفرار ولم يستسلم طوعا، لافتا إلى احتمال إسناد تهم جديدة له عمّا قريب وسيظل السفاح في السجن حتى مثوله مجددا أمام المحكمة في 5 نيسان المقبل،  ورجحت رئيسة الوزراء النيوزيلندية جاسيندا أرديرن، التي سبق أن وصفت الجريمة بأنها عمل إرهابي، أن يواجه تارانت تهما أخرى إضافة إلى جرم القتل. في سياق متصل وردا على الهجوم المسلح أعلنت رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن أنه سيتم تعديل القوانين الخاصة بامتلاك السلاح في البلاد عقب الهجوم الإرهابي . وقالت أرديرن خلال مؤتمر صحفي لها، إن «المهاجم كان يمتلك رخصة للسلاح... وبوسعي أن أقول لكم شيئا واحدا الآن، إن قوانين السلاح في بلادنا ستتغير».
وأضافت أن «الناس يريدون التغيير وأنا متمسكة بذلك»، وذكرت أن 5 أسلحة استخدمت أثناء الهجوم، والمهاجم حصل على رخصته لامتلاك السلاح في عام 2017، وزار العديد من الدول. 
 
شاهد عيان
الى ذلك روى شاهد عيان كان في أحد المسجدين المنكوبين في نيوزيلاندا، كيف تمكن أحد المصلين من نزع سلاح الإرهابي وحاول ملاحقته، لافتا إلى تأخر الشرطة والإسعاف في الوصول إلى مكان الجريمة.
وقال سعيد مجد الدين لصحيفة «New Zeland Herald” إنه “كان موجودا في المسجد لحظة سماعه الطلقات الأولى، وعندها بدأ الناس بالصراخ والهرب وأن منفذ الهجوم دخل عبر المدخل الرئيس”.
وأضاف أن “المسجد كان صغيرا، ويتسع لما بين 60 و70 شخصا فقط وكان يجلس عند مدخله المسنون، حيث بدأ الإرهابي بإطلاق النار أولا عليهم”. ووفقا لشهود عيان، كان لدى منفذ الهجوم معدات واقية منها خوذة وسترة عسكرية وعلى الرغم من ذلك، حاول شاب إيقافه.
وقال مجد الدين: “اغتنم الشاب الفرصة، وانطلق نحو منفذ الهجوم واستولى على سلاحه. كما أن هذا البطل حاول ملاحقة الإرهابي… وركض خلفه، ولكن كان هناك أشخاص آخرون ينتظرونه في السيارة، واستطاع الهرب”. 
وقال خالد النوباني، وهو أحد الناجين في مسجد النور حيث وقع هجوم إرهابي مواز للهجوم على المسجد الأول، إن “منفذ الهجوم دخل المسجد ومعه بندقيتان وبدأ بإطلاق النيران على الجميع وكان يتفوه بكلمات بذيئة. وتابع: “حاول أحد المصلين انتزاع السلاح منه، ولكنه أطلق الرصاص عليه مباشرة، وحاولت ملاحقته لكنني لم أستطع ذلك”. كما اشتكى الرجل من بطء استجابة الشرطة وقال إنه “استغرق وصولها 20 دقيقة ونحن في وسط المدينة”. وألقت الشرطة القبض على عدد من الأشخاص بتهمة الضلوع في الجريمة، كما وجهت تهمة القتل للأسترالي برينتون تارانت البالغ 28 عاما والذي نفذ الهجوم وبثه مباشرة عبر الإنترنيت.
 
{مرحبا أخي} 
وسارع العالم الى التضامن مع الضحايا الابرياء تصدر الوسم #HelloBrother  “مرحبا أخي “ قائمة الترند العالمي على موقع “تويتر” للتواصل الاجتماعي، وهي عبارة رحب بها أحد ضحايا مجزرة المسجدين في نيوزيلندا بقاتله برينتون تارانت. ووثق مقطع الفيديو، الذي صوره مطلق النار الأسترالي برينتون تارانت بواسطة كاميرا مثبتة على رأسه ونشره في “فيسبوك”، ترحيب أحد المصلين بالقاتل لحظة دخوله مسجد “النور” في مدينة كرايست تشيرتش، وبادر الضحية قائلا: Hello Brother، لكن المسلح الإرهابي رد بإطلاق النار عليه فأرداه 
قتيلا. وانتشر الوسم #HelloBrother على نطاق واسع في الإنترنت، حيث استخدمه مدونون للتعبير عن ردود أفعالهم الغاضبة والحزينة، بقصائد ورسوم وعبارات مؤثرة.
وتقول تقارير إعلامية إن صاحب عبارة الترحيب لاجئ أفغاني يبلغ من العمر 71 عاما ويدعى داوود 
نبي.
 
رقم قياسي بجمع التبرعات 
 وبعيد الحادث الارهابي الاليم وضمن وقفة تضامنية تمكن مجلس فرق دعم الضحايا النيوزيلندي من جمع تبرعات بأكثر من مليوني دولار خلال 24 ساعة لدعم ذوي ضحايا مذبحة المسجدين. وبعد أقل من 11 ساعة على الهجوم دشن المجلس صفحة موقع مؤسسة «Givealittle” الخيرية، التي ذكرت أن حملة التبرعات هذه تعتبر الأكبر والأسرع في عشر سنوات، مبينة أن نحو 38 ألف مواطن تبرعوا لضحايا الهجوم ليصل حجم التبرعات إلى أكثر من 2.5 مليون دولار حتى اللحظة. 
وترد التبرعات من كل أنحاء العالم، ومن ممثلي مختلف الديانات في نيوزيلندا، حيث دعا رئيس أساقفة إقليم كانتربرى الكنائس لحملة تضامن وجمع تبرعات لضحايا الهجوم الإرهابي. 
في الوقت نفسه دانت الجالية الصينية  الهجمة الإرهابية، التي وقعت الجمعة على مسجدين بالمدينة، معربة عن دعمها للضحايا من خلال إطلاق حملة لجمع التبرعات. 
كما أعربت رابطة الطلاب والباحثين الصينيين بجامعة كانتربري عن الصدمة والأسف إزاء الهجمات، قائلة إن «الفظائع دمرت حياة الكثير من الناس وأثارت غضبا عميقا .. التنوع في نيوزيلندا لن تهزه مثل هذه الفظائع، وكذلك فضيلة مساعدة الآخر من قبل الناس الموجودين على أرض هذه البلاد .. ندين بشدة الهجوم ونعرب عن خالص تعاطفنا مع عائلات الضحايا».
وأشارت الرابطة إلى أن الإرهاب هو العدو المشترك للبشرية جمعاء، ولا ينبغي السماح به في أي مكان في العالم.
 
القدس تصلي
 أدى آلاف المصلين «صلاة الغائب» في المسجد الأقصى، وفي أغلب مساجد قطاع غزة، على أرواح ضحايا الهجوم الإرهابي الذي استهدف مسجدين في نيوزيلندا.
وأدان خطيب المسجد الأقصى ومفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، الهجوم ووصفه بـ»الإرهابي»، وقال: «نترحم على أرواح جريمة الإرهاب في نيوزيلاندا التي راح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى». 
وأعربت وزارة الأوقاف الفلسطينية، في بيان، عن إدانتها للجريمة الإرهابية، مطالبة السلطات النيوزيلندية بمحاسبة المتطرف منفذ الهجوم والجهة التي تقف خلفه. 
 
اجتماع طارئ للتعاون الإسلامي
في السياق نفسه دعا وزیر الخارجیة الإيراني محمد جواد لعقد اجتماع طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي لتبنّي البلدان الإسلامية موقفا مناسبا تجاه الواقعة. وفي اتصال هاتفي مع نظیره التركي مولود تشاووش أوغلو رئيس منظمة التعاون الإسلامي، دعا ظريف لعقد اجتماع طارئ وعاجل على مستوى الرؤساء أو وزراء الخارجیة على خلفية هذه «الجریمة الإرهابیة التي ارتكبت في نیوزیلندا}. 
 
صلاة باباوية 
اما عن الموقف المسيحي فقد أعرب البابا فرانسيس بابا الفاتيكان عن تضامنه مع الشعب النيوزيلندي وخاصة الجالية المسلمة.
وأضاف بيان الفاتيكان أن البابا فرانسيس «عبّر عن حزنه العميق على الضحايا الذين قضوا في «أعمال العنف التي لا معنى لها» مؤكدا  تضامنه العميق مع جميع النيوزيلنديين وخاصة الجالية المسلمة عقب هذه 
الهجمات».
وأضاف البيان أن البابا يصلي من أجل أرواح الذين قضوا في الهجوم، كما يصلي لشفاء المصابين. 
 
موقف يهودي
فيما قررت الجالية اليهودية بنيوزيلندا إغلاق معابدها امس السبت، وذلك لأول مرة في تاريخها، تضامنا مع الجالية المسلمة في البلاد في أعقاب الهجوم الإرهابي. وكتب رئيس الوكالة اليهودية في إسرائيل يتسحاق هرتسوغ عبر تويتر: «لأول مرة في التاريخ ستكون الكنس في نيوزيلندا مغلقة يوم السبت في أعقاب المذبحة المروعة بحق المسلمين في كرايست تشيرتش».
وأضاف أن «الوكالة اليهودية والمجلس اليهودي النيوزيلندي يقفان تضامنا مع العائلات الثكلى. إننا متحدون في محاربة الكراهية العنيفة والعنصرية»، مشيرا الى انه إلى أنه يشعر «بالاشمئزاز والحزن» جراء مثل هذه الهجمات.
 
البيض في مواجهة العنصرية
وضمن ردود الافعال الغاضبة تعرض سيناتور أسترالي لهجوم بالبيض، في أعقاب اتهامه للمسلمين بأنهم هم سبب ما حصل في نيوزيلندا أمس من اعتداء إرهابي على مسجدين خلف أكثر من 50 قتيلا.
وتناقلت وسائل إعلام مقطع فيديو يظهر قيام شاب بضرب السيناتور فريزر أنينغ بالبيض على رأسه، خلال إدلائه بتصريحات لصحافيين.
وقام أنينغ بـضرب الشاب الذي استهدفه واستمر بتصويره، قبل أن يتدخل أشخاص آخرون لثنيه عن ذلك. وكان السناتور أنينغ قد أصدر بيانًا الجمعة الماضي يقول فيه إن «السبب الحقيقي لإراقة الدماء» في نيوزيلندا كان «برنامج الهجرة الذي سمح للمتعصبين المسلمين بالهجرة إلى نيوزيلندا»، وأنه أبرز «الخوف المتزايد داخل المجتمع... من الوجود الإسلامي المتزايد « حسب تعبيره. وأثارت تعليقاته الغضب في جميع أنحاء البلاد، واكتسب التماس عبر الإنترنت يدعو إلى عزله من البرلمان أكثر من 265000 توقيع في غضون 24 ساعة. 
 
دعوة اممية
بدوره دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش المجتمع الدولي إلى التكاتف لمواجهة كراهية المسلمين وجميع أشكال التعصب».
وكتب غوتيريش تغريدة في «تويتر»  جاء فيها: «أنا حزين.. أدين بشدة إطلاق النار على الأبرياء حينما كانوا يصلون مسالمين في المساجد بنيوزيلندا». وأردف مشددا: «اليوم وكل يوم، يجب أن نقف متحدين ضد الكراهية المعادية للمسلمين وجميع أشكال التعصب والإرهاب». 
من جانبها، وصفت هنريتا فوري، المديرة التنفيذية لصندوق الطفولة «يونيسف»، في تغريدة لها الهجوم بأنه «اعتداء عديم المعنى ضد مجتمع مسالم والحق في حرية المعتقد».
 
ادانات دولية 
أدان مجلس الأمن الدولي «الهجوم الجبان والفظيع» على مسجدين في نيوزيلندا، واصفا إياه بـ «العمل الإرهابي».
ووقف أعضاء المجلس دقيقة صمت حدادا على أرواح المصلين الـ49 الذين قضوا في المسجدين.
وأكد المجلس مجددا في بيان اقترحته الكويت وإندونيسيا أن «الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره يمثل أحد أخطر التهديدات للسلام والأمن الدوليين». من جانبها، نعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل مع النيوزيلنديين مواطنيهم الذين تعرضوا للهجوم والقتل الناجم عن الكراهية العنصرية في وقت كانوا يصلون بسلام في مسجدهم. نقف معا ضد أعمال إرهابية كهذه». وندد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون  كذلك بالهجوم «الشنيع» مؤكدا أن بلاده «تقف ضد جميع أشكال التطرف». 
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ إن الحلف الذي تقوده واشنطن «يقف إلى جانب صديقتنا وشريكتنا نيوزيلندا في الدفاع عن مجتمعاتنا المنفتحة وقيمنا المشتركة». أما رئيس الوزراء الإسباني نيدرو سانشيز فأعرب عن تضامنه مع الضحايا وعائلاتهم والحكومة النيوزيلندية بعد الهجمات التي نفذها «متعصبون ومتطرفون يريدون تدمير مجتمعاتنا».
 
برج إيفل يطفئ أنواره
أطفأ برج «إيفل» الفرنسي الشهير أنواره، حدادا على أرواح ضحايا هجوم   «كريست شيرش» في نيوزيلندا. ونشرت صحفة برج «إيفل» على تغريدة ذكرت فيها «لتكريم ضحايا حادث كريست شيرش في نيوزيلندا، أطفئ أنواري الليلة».   وعلى الشاكلة نفسها أعلنت شبكة التلفزيون والإذاعة الروسية، أنه تم إطفاء أضواء برج «أوستانكينو» الإذاعي في موسكو لساعة واحدة تضامنا مع ضحايا الهجوم الإرهابي في نيوزيلندا. وأشارت الشبكة إلى أن العديد من منشآت الشركة انضمت إليها واطفأت أنوارها في مدن كراسنويارسك، وروستوف، وفيليكي نوفغورود.
  
مظاهرات شعبية 
وبينما أدان زعماء سياسيون ودينيون في العالم الإسلامي إطلاق النار في مسجدين في نيوزلندا، خرجت مظاهرات في بعض الدول تندد بالواقعة. وقد تظاهر العشرات في مدينة كراتشي الباكستانية، مرددين شعارات تنادي بوقف الإرهاب، ورافعين شعارات تندد بما حدث.
وفي تركيا تظاهر العشرات منددين بالعمل الإرهابي الذي حصل، وقال مسؤول الشؤون الدينية، علي إرباس إن ما حدث هو عمل استفزازي، ووصف من أقدم عليه بالمجرمين. 
وفي إندونيسيا قالت وزيرة الخارجية ريتنو مرسودي في بيان «تدين إندونيسيا بشدة عملية إطلاق النار هذه خاصة في مكان للعبادة وأثناء صلاة الجمعة». قال كمال فاروقي مؤسس رابطة مسلمي عموم الهند وهي مؤسسة غير حكومية لعلماء الدين الإسلامي، إن الهجوم «يستحق الإدانة البالغة».
وقال لرويترز «الفيروس المعادي للمسلمين ينتشر في أرجاء العالم ، كل أصحاب الديانات يجب أن يقلقوا بشدة».