انقذوا مشاريع الدواجن البياضة

اقتصادية 2022/03/23
...

 محمد شريف أبو ميسم 
 
لجأ الكثير من أصحاب حقول دجاج بيض المائدة، مؤخرا، إلى بيع الدواجن المعتمدة في الحصول على بيض المائدة بأسعار بخسة وصلت الى حد أقصاه (ثلاثة دجاجات بعشرة آلاف دينار)، الأمر الذي أثار ويثير الكثير من الشك بشأن سعر البيع وعلاقته بالنوعية، في ظل أسعار دجاج اللحم المجمّد التي وصلت الى نحو عشرة آلاف دينار للدجاجة الواحدة زنة كيلو و500 غرام، بفعل التضخم الذي سببته الحرب الأوكرانية على عموم الأسواق العالمية، جراء ارتفاع أسعار الطاقة التي انسحبت على مدخلات السلع الانتاجية في العالم، وأفضت الى ارتفاع كلف الانتاج ، بينما أسهم ارتفاع أسعار كثير من السلع، وفي مقدمتها السلع الغذائية، وتحديدا القمح والحبوب الأخرى، في تكريس ارتفاع معدلات التضخم السلعي في عموم العالم، إذ يشكل الإنتاج الروسي والأوكراني من القمح والحبوب الأخرى نحو 30 بالمئة من حاجة السوق العالمية.
وبسبب تكرار مشهد البيع يوميا على الطرقات، وعدم انسجام ما حصل مع ارتفاعات أسعار السلع الأخرى، حاولنا استقصاء حقيقة الأمر، وتبين لنا أنه دجاج بياضّ، ارتفعت أسعار عليقته ولقاحاته بفعل التضخم المستورد، وصارت كلفة انتاج البيضة الواحدة ضعف من ما كانت عليه، جراء تزامن ارتفاع أسعار العلائق واللقاحات مع فتح باب الاستيراد للبيض من دول الجوار التي انخفضت أسعار عملاتها المحلية الى أقل مستوياتها، كما هو شأن الليرة التركية التي وصلت الى نحو 14.8 ليرة لكل دولار، في وقت تقوم به تركيا بانتاج العلائق واللقاحات والمواد الداخلة في عمليات إنتاج البيض في داخل الدولة التركية بجانب انخفاض قيمة أجور العمل، ما جعل أسعار البيض المستورد منخفضة جدا مقارنة بالمنتج المحلي العراقي، ومن ثم عزوف الناس عن البيض المحلي وتحمّل المربّين يوميّا كلفا عالية، لإبقاء الدواجن في الحقول البياضة على قيد الحياة. 
الأمر الذي دعا المربّين للتخلي عن دفعات الدواجن البياضة وبيعها على الطرقات بأبخس الأثمان، وهذا ما سيفضي لإغلاق العديد من مشاريع الدواجن والمشاريع الساندة لها، وتسريح أعداد كبيرة من العاملين، في خضم سوق عمل متخمة بالأيدي العاطلة عن العمل، وما ستسببه من أعباء مضافة، وإرباكات في المشهد الكلي الذي يعاني من ضغط سوق العمل على فعاليات اقتصاد الظل وإرباكات الأمن المجتمعي، فضلا عن ما سيسببه هذا الأمر من ارتفاعات جديدة في معدلات تدفق العملة الصعبة إلى الخارج بهدف تمويل التجارة الخارجية.
وهذا يعني ضرب البيئة التنافسية التي حرص المتحمّسون لخفض سعر صرف الدينار مقابل الدولار الأميركي أن يتكلموا عنها بوصفها مبررا لهذا الإجراء.