بعد غد..ٍ ذكرى مرور 11 قرناً على ذرّ رماد الحلّاج في دجلة

ثقافة 2022/03/24
...

  حسين محمد عجيل
يصادف بعد غدٍ السبت 26 آذار، حدثاً تاريخيّاً كنت أترقب حلوله منذ وقت غير قصير، إذ لا يتكرّر إلا مرّةً كل مئة عام، وهو ذكرى مرور 11 قرناً على رحيل المتصوف البغدادي الأشهر أبي المغيث الحسين بن منصور الحلاج (244 - 309هـ = 858 - 922م)، مصلوباً بعد ضربه ألف سوط، ومقتولا بعد تقطيع أطرافه الأربعة، ومذرَّى رماد الأوصال في نهر دجلة بعد إحراقه.. في واقعة حكم قضائيّ واتهام بالزندقة والإلحاد والانتماء للحركة القرمطية على الأرجح. 
صدر على عجلٍ وتحت إلحاحٍ وضغطٍ شديدٍ ذكره المؤرّخون من الوزير حامد بن العبّاس، لا يزال ملتبس الدوافع والمقاصد والغايات، وكان ضحيّته بعد سجنٍ امتدّ ثماني سنين هذا المتصوّفُ الشهيرُ، والناثرُ الذي مُنع تداول مؤلّفاته- وهي تربو على الخمسين- فتبدّدت، ولم يصلنا منها إلّا كتاب واحد شبه مكتمل هو "الطواسين"، والشاعر الاستثنائيّ الذي جمع المحقّقون ديوانه من المخطوطات والكتب في القرن العشرين، ويتغنّى الآن كبار المطربين العرب بمقطوعاته الشعريّة المتفرّدة في العشق الإلهيّ، ويتزايد استلهام المبدعين له حياةً ومصيراً وشعراً وذكرى في أعمالهم الأدبيّة والفنّيّة. 
 
نهاية محزنة
لقي الحلّاج نهايته المحزنة في الأسبوع الأخير من سنة 309هـ، "لست بقين من شهر ذي القعدة" كما يذكر المؤرّخون، وهو يوافق يوم 26 آذار من سنة 922م، السنة التي انطلق فيها معاصره المؤرّخ والجغرافيّ البغداديّ أبو الحسن المسعوديّ في رحلته من مدينة السلام إلى الصين وسهوب شرقيّ آسيا مخترقاً بلاد فارس والهند وما وراء النهر، وهي السنة نفسها التي انطلق فيها معاصره الآخر الرحّالةُ أحمد بنُ فضلان من بغداد مبعوثاً رسميّاً من الخليفة المقتدر بالله في رحلة طويلة وشاقّة إلى ملك الصقالبة في مجاهل شماليّ أوربا الشرقيّة وثّقها تفاصيلها في كتاب 
شهير. 
حدثت هذا الواقعةٌ، التي لا يزال يتردّد صداها في الخافقين، بمدينة السلام في يومٍ وصفه المؤرّخ المسعوديّ بأنّه كان "يوماً عظيماً"، فكانت حدثاً بالغ المأساويّة في التاريخ العربيّ الإسلاميّ كلّه، على ما فيه من نهايات مؤلمة لشخصيّات فكريّة كان لها صدى وتأثير عميق في هذا المدى الزمنيّ الطويل، وكأن ما جرى له حيّاً وميتاً لم يكن كافياً، إذ تقرّر بعد عام إرسال رأسه إلى خراسان ليُطاف به على الناس عظةً وعبرةً وردعاً لغيره.
 
شخصيّة الحلّاج
عاش الحلّاج في النصف الثاني من القرن الثالث للهجرة، وأدرك مطالع القرن الرابع، وهو عصر ازدهار الثقافة العربيّة الإسلاميّة، وكان يصعب على أصحاب المواهب آنذاك مزاحمة قامات راسخة في كلّ اختصاص، فكيف إذا كان الرجل متعّدد المواهب وطموحاً إلى أقصى الحدود، ومع هذا حقّق الحلّاج نجاحاً وشهرةً لافتةً في زمانه، صوفيّا غير تقليديّ، واستثنائيّاً في تمرّده حتّى على أعلام شيوخه، وشاعراً مجدّداً، وناثراً لم يقلّد أحداً، وثائراً على نفسه وجسده، وشخصيّةً مؤثّرةً في نخبة المجتمع، كما في طبقاته المختلفة، لها كارزما خاصّة لم ينجُ من سحر تأثيرها إلّا قليل من أصحاب القرار في تحديد مصيره، فالتفّت حوله حلقات من المريدين والمحبيّن والمقلّدين والأتباع حتّى حامت حوله الشبهات وأودت به، ولذلك شغلت هذه الشخصيّة الإشكاليّة بغموض الحياة وتراجيديا الممات مؤرّخين ومفكّرين وكُتّاباً عرباً ومستعربين ومستشرقين، فاختلفت الآراء بشأن تأويل شطحاته وأقواله غير المألوفة، وحقيقة عقيدته وآرائه ودعاواه، ومدى انطباق هذا الحكم- غير المكتفي بعقوبات الجلد والصلب والقتل وحدها- مع أحكام الشريعة وروحها، بين مَن عدّه ولياً صالحاً ومَن عدّه زنديقاً استحقّ هذا العقاب، وبين مَن حاول التوفيق بين النقيضين، وهو عين ما كان يحدث في خلال حياته المضطربة، وأشار هو إليه في حواره مع مريده إبراهيم بن فاتك، الذي تنبّأ فيه- إن صحّت الرواية- بمصيره كاملاً، حين قال: "وكيف أنت يا إبراهيم حين تراني، وقد صُلبتُ وقُتلتُ وأُحرقتُ؟".
وظلّ هذا المصير الذي نقلته المصادر التاريخية وكتب التراجم والتصوّف والأدب والفقه، بتفاصيله الدقيقة وبمحاورات الحلّاج مع محاكميه وقضاته وسجّانيه ومريديه وأقطاب متصوفة بغداد وأمّهات المدن الكثيرة التي مرّ بها أو استقرّ مدّةً، مصدراً للإلهام والاستلهام الأدبي والفنّي في العصور القديمة، ولم ينقطع حتّى ساعة إعداد كتابة هذه السطور، على الرغم من مصادرة مؤلّفاته واتلافها، ومحاولات التعتيم على أفكاره، ومنع الورّاقين ببغداد من تداول كتبه، التي ذكر ابن النديم منها، في كتابه "الفهرست"، 46 مؤلّفا بينها رسائل في تفسير آيات قرآنية، وابن النديم من أقرب الكتّاب إلى عصره، فقد أنهى تأليف كتابه هذا سنة 377هـ، وكان ورّاقاً مثقفّاً خبيراً بالكتب ومؤلّفيها، وقدّم خدمة لا تقدّر بثمن للثقافة الإنسانيّة كلّها بوضعه هذا الكتاب المرجعيّ النفيس.
 
ماسنيون المفتون بالحلّاج
كان من الذين افتتنوا بالحلّاج مبكّراً، المستشرقَ الفرنسيّ لويس ماسينيون، منذ أن قرأ شيئاً عنه يوم 24 آذار (مارس) 1907م، فطفق يتابع بشغفٍ كلّ كبيرة وصغيرة في حياته، وحاول بدأب منقطع النظير جمع ما بقي من أعماله النثريّة وأشعاره وشذرات أقواله من أصولها القديمة، وتحقيقها ودراستها وترجمتها ونشرها منذ سنة 1913م، وتتبّع صداه في الآداب العربية والشرقية، عبر مئات المخطوطات المدوّنة بالعربية والفارسية والأردية والهندية، فظهر هذا الشغف في أعمال ماسينيون المشهود لها بالتدقيق والإحاطة والاستقصاء، بغضّ النظر عن مدى الاتفاق والاختلاف مع ما أصدره من اراء واستنتاجات وأحكام، منشورة في كتب ودوريّات ظلّ يمدّ بها أوساط المهتمّين بالحلاج وآفاق التصوّف الإسلامي منذ مطلع القرن العشرين حتّى رحيله سنة 1962، تاركاً بين أوراقه كثيراً من غير المنشور الذي عمدت كريماته إلى تنظيمه وإصداره في طبعة جديدة مزيّدة من كتابه الأضخم والأشهر "آلام الحلّاج"، صدرت بأربعة مجلّدات بباريس سنة 1976، وتُرجمت كاملةً للعربيّة مؤخّراً، على يد مترجم يحمل اسم حسين الحلّاج أيضاً، وفي مرويّات أسلافه المتوارثة في فلسطين أنّهم من أحفاد ذلك المتصوّف 
المصلوب. 
وكان أثر عمل ماسينيون الاستقصائيّ واضحاً في انبعاث الاهتمام الأدبيّ والفنّيّ بالحلّاج مجدّداً في العالم العربيّ، في الشعر أوّلاً ثمّ في سائر الآداب والفنون، وهو ما رصده بعض المهتمّين من الباحثين والنقّاد، كما عبّر عنه أبرز الروّاد الذين استوحوا الحلّاج واستلهموه في أعمالهم.
 
باحثان عراقيّان 
تخصّصا بالحلّاج
وفي العراق، حيث موطن الحلّاج وموئل تحرّكاته وموضع نهايته، ومكان قبره الرمزيّ في منطقة سميت باسمه، هي المنصوريّة، غير بعيد عن مقبرة زمرّد خاتون والجنيد البغداديّ والشيخ معروف الكرخيّ في العلاوي.. افتتن به- كما ماسينيون- باحثان من جيلين مختلفين، هما المرحوم الدكتور كامل مصطفى الشّيبي الباحث الأكاديميّ الرصين، الذي جمع ديوان الحلّاج، وشرحه، وقدّم بحوثاً معمّقة في سيرته ومؤلّفاته وأحواله، والباحث الآخر هو صديق العمر الفقيد المأسوف على شبابه، الباحث قاسم محّمد عبّاس، الذي رحل في أوان ذروة العطاء المعرفيّ في ربيع سنة 2018، بعد أن تفرّغ أعواماً منذ نهاية تسعينيّات القرن الماضي لتتبّع جهود الباحثين السابقين، ولجمع المتناثر من أعمال الحلّاج الشعريّة والنثريّة في المصادر العربيّة، وتحقيقها، بعد الفرز والغربلة، في كتاب واحد، سمّاه "الحلّاج، الأعمال الكاملة"، صدر سنة 2002، وصدّره بدراسة نقديّة موسّعة، ثمّ أعاد طبع الكتاب سنة 2009 بعنوان "هكذا تكلّم الحلّاج". 
بيت مجهول للحلّاج 
في مقطوعة مغنّاة
كان شعر الحلّاج بنسيجه اللغويّ المختلف، وقاموسه المستحدث الخاصّ، الذي بثّ فيه من روحه القلقة الباحثة عن عالمها الأثيريّ المتسامي عن الجسد، وترك عليه بصماته القويّة واندفاعته الإبداعيّة الجسورة، سبباً في اقترابي منذ سنين طويلة من غريب عوالمه، وقد أسفر هذا الولع عن أمرين غير متوقّعين، سأبتدئ بالثاني الذي جرى منذ أيّام قليلة، فقد كنت أبحث بشغف في مخطوطات كبرى مكتبات العالم، أملاً في أن أحظى- مع اقتراب هذه المناسبة التاريخيّة- بشيء جديد للحلّاج لم يسبق لأحد قبلي أن عثر عليه وكشف عنه، وكان هذا الهاجس قويّاً عندي، مع علمي أنّه يصعب العثور على عمل كبير، إذ جرى التحرّي الدقيق على معظم خزائن المخطوطات المعروفة في العالم، بأيدي خبراء مختصّين، ويصعب أن يفوتهم مثل هذا الكشف، ومع ذلك أمّلتُ نفسي بشيء حتّى لو كان شذرةً من أقواله لم يسبق لأحد الكشف عنها، وقد تحقّق لي الظفر بهذا بجهد أقل من نصف ساعة، وانتابتني حالة من الفرح العميق وأنا أجد بيتاً مجهولاً تماماً في مقطوعة "رأيتُ رَبّي بعينِ قلبي" الشهيرة التي غنّاها بحنوّ وبجماليّة لافتة المطرب كاظم الساهر، في مجموعٍ خطيّ مدوّن بخطّ مغربيّ ومحفوظ في مكتبة فرنسا الوطنيّة. قسم المخطوطات. عربي 1230، وزادت دهشتي حين راجعت كلّ ما أعرفه من مطبوعات لديوان الحلّاج ولم أعثر على هذا البيت فيها. فكانت الهديّة الثمينة في وقتها المناسب. 
وقد وجدتُ اختلافات في المقطوعتين المطبوعة والمخطوطة، فقد خلت- مثلاً- المخطوطةُ من هذا البيت تماماً: 
فليس للأينِ مِنْكَ أينٌ/ وليسَ أينٌ بحيثُ أنتَ
وهنالك اختلاف في بعض أبيات المقطوعتين، وبدائل جميلة وذات دلالة عميقة لبعض الأبيات، فمثلاً: هذا الشطر " بنحو لا أينَ فأينَ أنتَ"، وجدته في المخطوطة بهذه الصيغة: " فحيث لا أينَ فثمَّ  أنتَ"، وهي قراءة تقدّم مقداراً من التنزيه هائلاً.
والبيت المكتشف الجديد هو الآتي، وموقعه بعد البيت المذكور أعلاه:
 
دنوتَ كلَّ الدنوِّ حتّى/ لا يعلمُ الخلقُ أين أنتَ
وهو أنموذج في التماهي غير المتحقّق الذي كان ينشده الحلّاج وظلّ سرّ عذابه وتساؤلاته ولوعته التي تفوح بها المقطوعة كلّها، وألفاظ الشطر الأوّل تكاد توحي بقبسته القرآنية الخفيّة من الآية (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ).
ومن اللافت للنظر أنّ الناسخ لم يدرج اسم الحلاج بوصفه صاحب هذه الأبيات، فجاءت على خلاف القصائد الأخرى في المجموع، المنسوبة لأصحابها. ما قد يشير إلى نوع من التشدّد حيال مَن يتداول أبياتاً للحلّاج في وقت نسخ المخطوط. 
 
بين الحلّاج والطبري 
أمّا الأمر الأوّل غير المتوقّع، الذي أجّلته للنهاية، فهو قصيدة شاءت الظروف أن تكُتب على نحو غريب في أثناء رحلة داخليّة بالطائرة، جرت يوم 20 أيّار 2013، ففي عصر ذلك اليوم كنت في مهمّة عمل صحفيّة أيام كنت أدير الوكالة المستقلّة للأنباء (أصوات العراق) بصفة رئيس تحرير، وفي لحظة مرور الطائرة من فوق مقبرة كبيرة، أخذت تتفاعل في نفسي كالمرجل الفوّار أفكار وتأمّلات سابقة عن مصائر مرعبة لعدد من الكتّاب والمفكّرين والمبدعين العرب القدامى، كابن مقلة الخطّاط الوزير الذي وضع ببغداد أسس الخطّ العربيّ وطوّره، فكان مصيره قطع كفّه، وكابنِ السِكّيت الأديب الكبير الذي سأله حاكم عن خيارين أيّهما يفضّل، فلما أجاب بما لا يحبّ الحاكمُ غضب فقطع لسانه فمات سنة 244هـ، وهي السنة نفسها التي ولد فيها الحلّاج، وكالتوحيديِّ فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة، الذي ولد بعد عام من قتل الحلّاج صبراً، والذي جافاه الزمان في حياته الطويلة فقضى معظم عمره معدماً يشكو الفاقة والجوع، حتّى مرّت به حالة من السوداويّة فأحرق كتبه العظيمة بيديه في أواخر عمره، وكمفارقة أن لا يكون للطبريّ أكبر مؤرّخي العرب قبر في بغداد، في حين أن للحلّاج- الذي لم يبقَ من جسده شيءٌ- قبراً رمزيّاً يزوره المهتمّون به. 
وقد ربطتْ بين هذين العَلَمين البغداديّين الكبيرين، المتعاصرين زماناً والمتجاورين مكاناً، والمتقاربي الوفاة؛ فلم يفصل بين وفاتيهما سوى بضعة أشهر سبق فيها الحلّاج إلى حتفه، ولم تخل نهاية الطبري من محنة لها خصوصيّتها، ما كان متوقّعاً أن تختم حياة مثل هذا المؤرّخ الرائد والمفسّر ذي المكانة المرموقة، الذي لم يقلِّد أحداً من أصحاب المذاهب، واختار له مذهباً عُرف باسمه لم يُكتب له الدوام، وقضى آخر عمره محتجباً في داره، ولعلّ هذا الاحتجاب القسريّ الذي فُرض عليه في محنته، يفسّر أنّه ذكر الحلّاج ومصيره على نحو فيه كثير من الغموض وعدم اليقين في نهايات كتابه، 
وثّق فيه بعض مسموعاته من عامّة الناس، وهي مسموعات لم يتسنّ له التحقّق منها.. فقدّمت روايته الناقصة المعتمدة على السماع من مجهولين دليلاً مؤلماً على طول المدى الزمنيّ لمحنته- الذي يبدو أنّه تزامن مع بدء محنة الحلّاج وصلبه الأوّل وحبسه سنة 301هـ.
 
قصيدة تُكتب داخل طائرة
القاسم المشترك في مصائر معظم هذه الشخصيّات المؤسّسة للفكر العربيّ، هو أنّهم مارسوا حقّ حريّة التعبير عن ذواتهم، فجرى لهم ما جرى، ولا يزال هذا الداء القديم ينبعث ويتجدّد ويدفع جرّاءه المفكّرون وأصحاب الآراء التي لا تسيء لشيء ولا تضير أحداً، لكنها قد تعارض أحياناً السائد والشائع والمتوارث من غير 
إعمال العقل في بيان قيمته، وقد يخالف أصحاب العقول الإسمنتيّة.. وفي هذا الخضمّ من الأفكار التي ألهبتها رؤية القبور المتراصّة على امتداد البصر، والنهاية الفاجعة المحدّقة في الفراغ، انبثقت من غير ما جهد القصيدة على هذا النحو، وكتبتها مباشرة على جهاز 
الموبايل.
"بغدادُ الطبريّ.. بغدادُ الحلّاج"
لماذا..
بغدادُ التي نَزَفَتْ عيناهُ بريقـَهما
ليدوّنَ فيها أضخمَ تاريخٍ
لم تُبقِ له شاهدَ قبر؟
ولماذا..
تُرِكتْ جثّتُه تتعفّنُ حتّى الليل؟
تبدّى له
وهو يدوّنُ آخرَ يومٍ بحياةِ الحلّاج
في آخرِ سطورِ كتابِه
 أنّه يرثي نفسَه
........
طيراً أرادت الدهماءُ شواءَه
لكنَه رفْرفَ عالياً
هو والحلّاجُ
فيما ظلّت أمواجُ النهرِ الدامي
تأخذُ مع رمادِ الجسدِ المصلوب
شهقةَ الحِبْرِ في كفِّ ابنِ مُقلةَ
لسانَ ابنِ السِكّيت
قراطيسَ التوحيديِّ بعزلتِه
............
بعيداً
بعيداً...
عن بغداد........