ثامر الهيمص
ترتفع العمارات السكنية بزخم شديد في الأحياء بطوابق ثلاثة او أكثر، فضلا عن أن مساحة بعض المساكن الحديثة (5×6)، إذ تواكب ذلك حمى المجمعات السكنية، التي ترتفع أسعارها وأسعار إيجارها ولا تنخفض أبدا حتى وإن زالت أسباب رفع الأسعار.
التوسعان العمودي والأفقي في الأحياء السكنية، يعد مسألة قانون تتعلق بمنح او عدم منح إجازة بناء مبدئيا للتشوهات البارزة بشكل مفرط، فعمارات المناطق التقليدية، فضلا عن التشوه فإنّها ضغط على الساكنين الاعتيادين من جهة الإشراف المباشر على فضاءات الجيران، أي تقييد حركتهم وحريتهم داخل بيوتهم، أما التوسع الأفقي العشوائي فقد ضم الرصيف أو ألغاه ليشاركه أصحاب السيارات في الفروع حيث ضاقت المساحات وكثرت السيارات بعشوائية غير معهودة، إذ بات كل فرع يحتاج إشارة مرور كونه بخط واحد، وهكذا في أغلب الفروع الرئيسة خصوصا أثناء الدوام.
فالتجاوز بات صراعا مكشوفا بين المستفيد غير الشرعي وبلديات المناطق، كما حدث في محافظة كربلاء ومنطقة الدورة في بغداد، أي أنها باتت قضية رأي عام لا تحسمها لجان وإجراءات آنية.
وبما أن الأسباب معروفة، ولا تعالج لذا تفاقمت لغياب الوقاية كما تحددها أجهزة التخطيط، فالمجمعات السكنية أصبحت واحات في جحيم أزمة السكن لتلبي سوق الطلب المتزايد الذي وصل لأرقام فلكية، قياسا لسلف المصارف الحكومية التي تجاهد في حقل السكن، كما أن الاستثمار في السكن بات مؤكدا أنه أجدى من العمل الصناعي والزراعي. فالأثرياء الجدد يجدون الجدوى الاقتصادية أوفر وأسرع مردودا، لا سيما في ظل بيروقراطية النوافذ المتعددة في الدوائر الفرعية، فضلا عن الابتزاز بشبكة لها عرّابوها.
أما التوسع الأفقي فهو ضحية استبداد الجغرافيا، حيث تنحصر الناس في ظل غياب الحل الجذري لمشكلة العشوائيات والتجاوز، هذه الأسباب المباشرة، أما السبب الأساس فهو جدول أولويات الأزمة، إذ يتجه الاستثمار الأهلي نحو السكن بشكل غير متوازن أمام أزمة المياه والاستثمار الزراعي الحيواني الحديث الذي يوفر أمنا غذائيا ومكافحة بطالة الريف التي تحد من الهجرتين الداخلية والخارجية، أما بطالة المدن فيحسمها إحياء وتفعيل المشاريع المتوقفة سواء في القطاع العام أو المختلط أو الخاص. فالاستقطاب الشديد الذي نلمسه بين أثرياء اليوم وبين فقراء أمس واليوم بات شديدا متعاظما بعلاقة طردية مع تلكؤ العمل الزراعي والصناعي لصالح الاستيراد المتفاقم الذي يتقاطع تماما مع عناصر الاقتصاد الحقيقي، إذ وصل هذا التقاطع إلى أننا وفي الأسبوع الأول للحرب الأوكرانية الروسية دخلنا في حالة إنذار (ج) في توفير القمح والزيت، رغم امتلاكنا جميع أسباب وعوامل ومستلزمات الاستغناء.
نأمل أن تكون هناك استجابة لهذا التحدي، لتحتوي أزماتنا المتناسلة وليسقط رهان استبداد الجغرافيا التي تحصرنا في الزاوية .