بغداد / الصباح
بحث عشرات المختصين من النخب الأكاديمية والإعلامية والأمنية وغيرها، ملفات مكافحة الفساد وبناء الدولة والسبل الكفيلة بتحقيق هذا الهدف، واستعرض الخبراء في المجالات المذكورة رؤاهم الواقعية من أجل المشاركة الفاعلة للإعلام وأدوات البحث الأخرى للنهوض بالمسؤوليات الوطنية الجسام الملقاة على عاتقها وخصوصاً في المرحلة الحالية.
جاء ذلك خلال استضافة “المركز العراقي للتنمية الإعلامية” في اجتماعه نصف الشهري الوطني، كلا من مستشار رئيس الوزراء الدكتور ليث كبة، ورئيس شبكة الإعلام العراقي فضل عباس فرج الله، والمفتش العام في وزارة الداخلية الدكتور جمال الأسدي، وبحضور كوكبة من النخب العراقية في شتى المجالات، حيث جرت مناقشة ملفات بناء الدولة ومكافحة الفساد والسبل الكفيلة بتحقيق هذا الهدف من خلال ترابط المسؤوليات الوطنية في هذا الاتجاه إعلامياً وإدارياً وحكومياً ومجتمعياً.
رئيس المركز الدكتور عدنان السراج، أكد خلال تقديمه للاجتماع، أن “العراق يمر حالياً بمفصل تاريخي يحدد مساراته للمستقبل، ونراهن على أن الفترة القادمة هي مرحلة الحكم الرشيد التي يمكن أن تتحقق من مبدأ أن التغيير المنشود نحو الأفضل واقع لا محالة، لما يتطلبه التغيير من وسائل بحلقات متصلة حتى القضاء التام على الفساد وهذا يتطلب الهمة العالية والشجاعة ووسائل التغيير كلها من دون تردد لتكون فاعلة فيه تصل بنا الى الهدف المنشود”. وتطرق السراج إلى الدور الذي يلعبه الإعلام في ملفي بناء الدولة ومكافحة الفساد، مشدداً على أنه “في حال عدم المشاركة الفاعلة للإعلام في هذين الملفين المهمين، فإن الرسالة لن تصل وستكون ضبابية لا نتوصل من خلال ضبابيتها الى رؤية الحقيقة التي نصل بها الى الهدف الذي نريد وهو بناء الدولة”.
ثم تحدث الدكتور ليث كبة مستشار رئيس الوزراء، عن “أهمية التداخل والمزج بين البرنامج السياسي والإصلاح الإداري لإجراء التغيير في واقعنا والخروج من دوامة المشاكل التي تعانيها البلاد، عبر إشراك النخب لحلقات المجتمع بكافة أنماطه في تقديم الحلول”، داعياً “النخب العراقية إلى الاصطفاف وأن تكون رقماً صعباً في المعادلة السياسية، ويجب كذلك طرح خطاب للمستقبل يمازج البرنامج السياسي في البرنامج الحكومي لينقل العراق نحو الأفضل”.
وعن دور الإعلام في الملفات المذكورة، تحدث رئيس شبكة الإعلام العراقي فضل عباس فرج الله، عن دور الشبكة والمعوقات والمشاكل المتراكمة التي تعترض عملها وتحقيق أهدافها، مشيراً إلى إحدى العلل المهنية التي رافقت عملها منذ التأسيس وهو غلبة الخطاب “الرسمي” على “المهني” بمعنى أن إعلام الشبكة “حكومي” وليس “إعلام دولة” كما هو مفترض ومطلوب، مؤكداً أن “شعاره الأول الذي رفعه ويسعى لتطبيقه في كل مفاصل عمل الشبكة وخطابها بأن تنتقل من (الإعلام الحكومي الرسمي) إلى (إعلام الدولة)”، موضحاً أن “هذا الهدف يتحقق من خلال الفريق الواحد وليس الفرد الواحد”.
وأشار فرج الله إلى التحول الذي حصل في خطاب جريدة “الصباح” خلال الأيام الماضية، مؤكداً “السعي لجعل (الصباح) جريدة للجميع جاذبة لهم، تلتزم الأداء المهني الوطني، والاستمرار بهذا النهج والتغيير في كل أقسام الشبكة الإعلامية من قنوات تلفزيونية وإذاعية وغيرها”، مبيناً أن “ذلك سيكون واضحاً من خلال دورات البرامج الجديدة التي نطمح أن تكون متميزة وذات بصمة واقعية في المجتمع”، وأوضح أن “هذا التغيير والتحول في أداء وخطاب شبكة الإعلام العراقي لن يكون سهلاً أو أن تحقيقه سينجز في فترة قليلة، إلا أننا سنعمل عليه وفق أي طريقة تحقق نجاحنا لتقديم إعلام أفضل”.
ثم تحدث المفتش العام في وزارة الداخلية الدكتور جمال الأسدي، الذي أكد أن “على عاتق الإعلام مسؤولية كبيرة في متابعة وعرض ملفات الفساد”، مشيراً إلى أن “مظاهر وأشكال الفساد متعددة ومنها ما حدث من انحراف كبير في مفاصل الدولة بعد حرب 1991 المدمرة”، وأوضح أنه “ بعد عام 2003 أصبح التجاوز بالفساد يتجه الى المال العام ويأخذ ابعاداً كثيرة، وأنه لغاية الآن لا توجد أي ستراتيجية واضحة لمكافحة الفساد”.
وتطرق الأسدي في حديثه إلى دور مكاتب المفتشين العموميين في ملف مكافحة الفساد، وقصور إجراءاتها والدوائر الرقابية الأخرى عن ردع الفساد والفاسدين، كاشفاً عن نسبة “مرعبة” من الموظفين الذين يتعاطون الرشوة من مجموع أصحاب الوظائف العمومية الذين يتعاملون بصورة مباشرة مع المواطن، مقترحاً “معالجة هذه الظاهرة بالإصلاح الإداري، والذهاب إلى إنجاز معاملات المواطنين عبر بوابات إلكترونية”.