ترند الشاعر الكبير!

ثقافة 2022/03/28
...

 يوسف أبو الفوز
 
عرفنا وسمعنا، وقرأنا كثيرا عن الطرق والأساليب الإعلامية الملتوية والمتوارثة والمتبعة في هوليوود، التي أصبحت تقليدا، حتى لو تم اللجوء فيها لاختلاق قصص حب وخيانة وهمية وفضائح مفبركة، لتلقي وسائل الإعلام الضوء الكافي على فيلم ما وأبطاله كطريقة لتسويقه وانتشاره، ومن ثم تضمن نجاحه عند شباك التذاكر. وأتابع، مثل غيري، ما يفعله البعض من كتاب وفنانين في بلادنا العربية، بالتعاون مع صحف (التابليود) وقنوات النفط التلفزيونية، إذ جهل بعض من الإعلاميين الذي كثيرا ما يفضح غباء الضيف وتناقضاته. فلأجل خلق هالة ما حول أسمائهم، يلجأ البعض من المثقفين العرب ــ ومنهم عراقيون ـ لأن يكونوا كرماء مع الإعلاميين لاستضافتهم على برامجهم ليحدثونا عن آخر فساتينهم وقمصانهم وأبراجهم وطبخاتهم و.. (خذ هذه ألف دولار فلوس قهوة)، البعض يستعيد تراث جده حاتم الطائي، فيعتمد أسلوب الولائم وما يرافقها من أجواء مسلية!، والبعض الآخر يتبع أسلوب خالف تعرف، لأجل أن يبقى اسمه (ترند) حسب تعابير ومفاهيم عالم وسائل التواصل الاجتماعي. هناك فئة من المثقفين، كتاب وفنانين، تلجأ الى أساليب أقل تكلفة ماديا، لا تكلفهم سوى خط كلمات وتعابير ما أمام اسمهم: الكاتب والإعلامي، الناقد، الفنان التشكيلي، الفنان الشامل، و.. كأن الناس ليس لديها قدرة على التمييز بين كاتب وطبيب عيون أو .. ، مع ذلك فإن هؤلاء أهون بكثير من الذين يطلقون على أنفسهم، بأنفسهم ، ألقابا مثل: المبدع، الكاتب الكبير، المثقف الـ .. ، ... 
قبل فترة، من شهور، كتبت على الخاص في برنامج المحادثة (الماسنجر) لكاتبة عربية، من أصدقاء مقهى فيس بوك: (أنت امرأة جميلة، ولديك موهبة واضحة، فأرجوك لا تكتبين أمام اسمك "الكاتبة الكبيرة"، أنت لست امرأة عجوز، ما زلت شابة مثل زهرة ربيعية.). لا أعتقد أنها فهمت ما أقصد، وربما فهمت وأصرت على إغاظتي، إذ بعدها بيومين نشرت صورتها مع تعليق: الكاتبة الكبيرة فلانة بنت فلان تطبخ الـ...! 
لطالما أغاظني إطلاق الصفات المجانية من دون ترو على كتاب وشعراء وفنانين، والمؤلم هنا أن البعض من هؤلاء المثقفين يرضى بذلك، ويصدق حين يقال له أنه "كبير"، من دون أن يدري بكون هذا اللقب منقصة له وإساءة، وأن الكبار الحقيقيين دائما ما امتازوا بالتواضع. وكان لي يوما، في دمشق، دردشة حول هذا الأمر مع الشاعر العراقي سعدي يوسف، وارتضى الرجل استخدام كلمة (المبدع) إن أطلقه الآخرون على المثقف، فهو يرى أن الشعراء الحقيقيين يستحقونها. 
في الأيام الأخيرة، لاحظت أن ثمة شاعرا، لست معنيا هنا بعلامات الاستفهام عن تاريخه في زمن الطاغية صدام حسين، ولست معنيا أيضا بمحتوى نصوصه 
سواء التي كتبها للحرب الصدامية العدوانية أو "أغانيه المدنية" التي كتبها لاحقا، لكن أثار انتباهي لقب (الشاعر الكبير) أمام اسمه، فخطر في بالي سؤال: يا ترى ماذا أبقوا للجواهري والسيّاب؟ .. وسنلتقي.