هل تعيد روسيا ربيع براغ في كييف؟

آراء 2022/03/28
...

 وليد خالد الزيدي 
لا يمكن النظر إلى ما يجري في أوكرانيا من أحداث عسكرية خارج إطار الصراع القديم بين المعسكر الشرقي، بقيادة الاتحاد السوفيتي سابقا والمعسكر الغربي بقيادة أميركا وبريطانيا وفرنسا، فبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945) بدأت فترة الحرب الباردة، مع أنها ليست كذلك، فقد عمد قادة الغرب إلى تأسيس حلف شمال الأطلسي (الناتو) عام1949
 
في واشنطن كنظام دفاعي جماعي تتفق فيه الدول الأعضاء على الدفاع المتبادل ضد أي هجوم من أطراف خارجية، ومقره بروكسل عاصمة بلجيكا من قبل الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا النرويج، إيطاليا، كندا، هولندا، الدانمارك، بلجيكا، البرتغال، لوكسمبورغ، وايسلندا. وبالمقابل، بعد ست سنوات أسس الشرقيون مجلس صداقة وتعاون مشترك عرف بحلف وارشو، نسبة لعاصمة بولندا التي انبثق منها بين الاتحاد السوفييتي وسبع جمهوريات اشتراكية من الكتلة الشرقية في حزيران عام 1955 هي بولندا، المانيا الشرقية، بلغاريا هنغاريا، (المجر)، رومانيا، البانيا، تشيكوسلوفاكيا)، فقد كان تكملة عسكرية للمجلس المذكور كتنظيم اقتصادي إقليمي للدول الاشتراكية في أوروبا الشرقية، وكردة فعل على انضمام ألمانيا الغربية لحلف الناتو عام 1955، وفقًا لمؤتمري باريس ولندن عام 1954، وقوبلت جميع محاولات الخروج من تلك المعاهدة بمعارضة شديدة من الاتحاد السوفياتي الذي سيطر على الحلف، وقاد عمليات تدخل عسكرية لمن حاول التراجع عن المعسكر الشرقي، ففي عام 1956 أدت الثورة المجرية إلى إجبار ساستها على التخطيط لمغادرة الحلف والتزام مبدأ الحياد في الحرب الباردة، لكن القوات السوفيتية دخلت المجر وقضت عليها خلال أسبوعين.
وفي عام 1968غزا الجيش السوفيتي تشيكوسلوفاكيا في ما كان يعرف بـ(ربيع براغ) العاصمة، حيث تدخل الجيش السوفيتي لوضع حد لحركة الإصلاح ذات التوجه الديمقراطي الليبرالي على يد زعيم الحزب الشيوعي التشيكوسلوفاكي ألكسندر دوبيشك، وربيع براغ هو مرحلة من تاريخ الجمهورية الاشتراكية التشيكوسلوفاكية، حينما سعى خلالها دوبشك أن ينتهج اتجاها إصلاحيا أقرب إلى الديمقراطية، عرف بتسمية (الاشتراكية ذات الوجه الإنساني) من أهم توجهاته إطلاق حرية الصحافة والتعبير، وحرية التنقل، ومبدأ اللامركزية الاقتصادية، ووضع دستور للبلاد يجسد المساواة بين الأمتين التشيكية والسلوفاكية، في إطار جمهوري فيدرالي، كما افصح عن نيته استبدال نظام الحكم التشيكوسلوفاكي باشتراكية ديمقراطية خلال 10سنوات، وتمَّ التحدث عن إمكانية معاودة السماح للأحزاب بالعمل السياسي، وانطلق في الخامس من كانون ثاني 1968، بوصوله للسلطة، لكنها انتهت في 21 آب من العام نفسه باجتياح عسكري للبلاد من قبل قوات حلف وارشو، بقيادة الاتحاد السوفييتي، وكلها أجهضت باستثناء التعديل الدستوري المنشئ للفيدرالية، واعتبره السوفيت حينها محاكاة لنظام العالم الغربي، وتماشيا مع إيحاءات دول الناتو التي بالفعل لم تدخر وسعا لتوسيعه على حساب الطرف الآخر ونخر حلف وارشو والسعي لإسقاطه بكل السبل دون الاكتراث للنتائج، كما يحدث اليوم في أوكرانيا كإحدى اهم دول أوروبا الشرقية إلى جانب روسيا وبيلا روسيا، وتعد عمقا أمنيا كبيرا لموسكو من الغرب المنافس لها، حيث ترى روسيا في كييف بزعامة زيلينسكي، منطلقا لمعاهدات عسكرية واقتصادية من شأنها خنق روسيا وغلق اطلالتها على أوروبا وعدته حربا رغم إدعائها السلام.