علي حسن الفواز
منَ الصعب جدا أن تكون السياسة محكومة بالصواريخ، وبخطاب الإعلام المُسلّح، وأن يتحول رؤساء الجمهوريات إلى فقهاء في تسويغ العنف، وفي إباحة السيطرة على الآخر، وتحت أجندات مفتوحة، وبنوايا ليست بريئة، وبحسابات يختلط فيها السياسي والاقتصادي بالأمني والآيدويولوجي، وهي خلطة معقدة وقابلة للانفجار والخروج عن السيطرة.
جبهات الصواريخ وملف الأمن النووي المفتوحة تضع العالم أمام رعب دائم، وأنّ أيّ بحث عن حلول لها يتطلب تشغيل فاعلية "الممكن السياسي" أي الممكن العقلاني الذي يوقف الصاعق، ويفتح نافذة للحوار، بعيدا عن نوايا الأقوياء، وعن سلطة المخازن النووية، فطبيعة مايجري على الجبهة الأوكرانية الروسية، ليس بعيدا عن طبيعة ازمة الصواريخ الكورية، والملف النووي الايراني، وملف الأزمة السورية، والأزمة اليمنية، وهي ملفات تحتاج إلى جرعات عالية من الحكمة ومن عقلانية الإدارة السياسية، وعلى نحوٍ جامع، دونما تهميش أو إرجاء، أو أهداف لها علاقة بمصالح هذا الطرف أو ذاك.
الحراك السياسي العربي المحتدم هذه الأيام، مفتوح على مسارات متعددة، أكثرها تداولا هو مايتعلق بتأثير أزمة الحرب في الصراعات الإقليمية، وعلى أزمات الطاقة والغذاء والرعب النووي، وعلى طبيعة السياسة الأميركية في المنطقة، ومدى تأثير مخرجاتها في البيئة السياسية، وفي أزماتها، إذ إن ملف الطاقة أصبح هو الأكثر حضورا، لتعويض شحة النفط والغاز الروسيين، والذي يتطلب إرادة سياسية، وإجراءات واقعية، أولها معالجة الملف النووي الإيراني، والذي سينعكس إيجابا على الأمن السياسي في المنطقة، وعلى فتح حوارات بين دولها، وثانيها معالجة الأزمة السورية وفكّ تشابك تعقيداتها، وثالثها معالجة الملف اليمني وإيجاد صيغ سياسية وأمنية للحوار بين فرقاء الأزمة، ورابعها معالجة الواقع الفلسطيني وإيقاف سياسات الطرد المنهجي الذي تمارسه إسرائيل في الأراضي الفلسطينية
المحتلة.