بـيــن ناريــن

آراء 2022/03/29
...

 طالب سعدون
 
 بين نارين، كناية عن حال الانسان عندما يقع بين أمرين أحدهما أشد من الآخر، بين نارين، ليس عنوانا لفيلم أو مسلسل أو مسرحية أو رواية من نسج الخيال، بل عنوان قصة واقعية نعيشها منذ سنوات طويلة دون نهاية، ومشاهد مملة تتكرر على مدار الفصول والأيام، قصة طويلة تحكي معاناة قاسية مع المولدات الأهلية والكهرباء الوطنية، الصيف على الأبواب، على موعد يتكرر، وكلام يطول عن معاناة مزمنة في هذا الفصل اللاهب، نكتوي بناره، نار الأسعار ونار المولدات الأهلية. 
 ومع ذلك لسنا جاحدين و(حاشا) أن ننكر دورها على مدى السنوات الماضية العجاف، ولك أن تتصور حالنا بدونها، ربما كنا عدنا من جديد الى عصر اللالة والفانوس و(البُطل) بضم الباء، ولمن لا يعرف (البُطل) من الأجيال الجديدة، هو قنينة يوضع فيها خيط أو فتيل من القطن أو البردي وتملأ بالنفط الابيض، ويغلق فمها بالعجين أو الطين ويشعل رأس الخيط او الفتيل الظاهر فوق العجين للإنارة في الليل، وهي وسيلة من لا يملك الفانوس أو اللالة عندما تكون فوق قدرته 
المالية. 
من الانصاف أن نعترف أن المولدات الاهلية قامت بدور وزارة (كهرباء وطنية)، دون أن تكلف الدولة نفقات ونثريات ورواتب وإيفادات وموظفين وغيرها، أو تُتهم بالفساد وسوء الادارة والمساءلة عن المليارات التي صرفت عليها خلال السنوات الماضية، فهي لا تكلف صاحبها غير مبلغ بسيط بمقدوره توفيره، ولا تحتاج الى أن يكون لها موقع الكتروني وإعلام وعلاقات عامة وناطق باسمها يتحدث نيابة عنها أو يبرر إخفاقها أو فشلها، فهي تتحدث عن نفسها بايجابياتها وسلبياتها.
 لا ننكر ذلك لكن في الوقت نفسه لا يمكن أن نغفل جشع البعض واستغلال حاجة الناس في الصيف لزيادة سعر الأمبير، ما يجعل الأسر تئن من عبئها على ميزانيتها، خاصة الأسر الفقيرة التي تحسب حسابا للامبير الواحد زيادة أو نقصان دون سماع لأنينها. 
المولدة الاهلية أصبحت جزءا أساسيا في البيت والمحلة والمدينة والبلاد عموما، وفي الوقت نفسه مصدر خطر كامن بانتشارها العشوائي بين البيوت وامتداد أسلاكها بشكل فوضوي، في الشوارع وأمام البيوت ومصدر ازعاج بضجيجها والادخنة المتصاعدة منها، واحتمالات اندلاع الحرائق بسبب هذا الانتشار غير النظامي في الأزقة الضيقة وأمام البيوت أو داخلها وإرتفاع درجات الحرارة ووجود كميات كبيرة من الوقود قابلة للاشتعال والتوسع.
 كل ذلك يحدث أمام انظار الجهات المعنية في المدن والمحلات لسنوات طويلة، من دون حل ومعالجة أو التحسب لأسوأ الاحتمالات وهي الحرائق لا سمح الله، لكي تكون بعيدة عن البيوت، وما أكثر الحرائق التي تحدث في الصيف بسبب التماس الكهربائي والمولدات وغيرها من الاسباب. 
لذلك أدعو الحكومة الى أن تلتفت الى هذا الجانب المهم وتضع في الحسبان احتمال الأسوأ فتلزم أصحاب المولدات الأهلية باتخاذ اجراءات السلامة والأمان بدقة ومتابعة شديدة من الوحدات الإدارية والمجالس البلدية والدفاع المدني والمولدات، وكذلك ضرورة نصب المولدات في الشوارع العريضة والساحات الكبيرة، بعيدا عن البيوت بمسافة معقولة، وليس في الأزقة الضيقة أو بين البيوت أو داخلها أو أمامها لتجنب الحرائق ومنها حرائق الكهرباء بسبب التماس أو المحولات أو المولدات الأهلية، اضافة الى اخطارها البيئية والصحية وازعاج العوائل بضجيجها ودخانها، فجنة المواطن بيته.
نرجو وندعو أن تنتبه الجهات المعنية لهذا الامر وتبعد المولدات الأهلية عن الأزقة الضيقة ومن أمام البيوت، تحسبا لأسوأ الاحتمالات وحرصا على أرواح الناس 
وممتلكاتهم.