نجم بحري
الزراعة رصيد اقتصادي ومالي حيوي مهم، فهي صناعة الإنسان الأول التي عرفها قبل غيرها من الحرف الأخرى، وبلا شك فإننا نعتمد في حياتنا، الى حد كبير، على ما تنتجه الأرض، ناهيك عما تقدمه الزراعة من عطاء لأجل دفع عجلة التنمية الاقتصادية في العراق إلى أمام.
وللزراعة، في ذات الوقت، مشكلاتها الناجمة عن أوضاع الفلاح الاقتصادية وعدم تمكنه من بدلات الإيجار، وقلة وعيه بالثقافة المطلوبة في مهنته، إلى جانب المشكلات الناجمة عن تضرر المزروعات (بفعل العوامل الطبيعية) كالفيضانات والتقلبات المناخية والحشرات والزوابع والبرد فضلا عن الحرائق.
تتضح علاقة تأمين المحاصيل بأحوال الفلاح وظروفه، إذ إن عدم تمكن الفلاح من ضمان وجودة محصوله بسبب المخاطر وضعف إمكاناته المادية لتعويض ما يلحقه جراء هذه المخاطر، من شأنه أن يعود بالضرر على المجتمع بحرمانه من المحاصيل الجيدة، فضلا عن تأثير ضرر المحاصيل في العرض والطلب في الأسواق المحلية.
ولهذا نجد أن الدول تولي الزراعة رعايتها الخاصة كمصدر عيش للشعب، فتعمل على تطويرها وتفادي اضرارها بمختلف الوسائل، من سلف عينية ومادية الى رعاية اجتماعية وثقافية، والفلاح يتطلع دوما الى (الشركة) عن طريق الجمعيات لغرض المزيد من الحماية والضمان.
ومن أجل استحكام هذا المبدأ، على الدولة احتواء الفلاح بوثيقة (تأمين) لضمان استمراريته الزراعية، فليس من شك أن التأمين على المحاصيل الزراعية له باع طويل خاصة في دول العالم التي تهتم بالثروة الزراعية.
هذا الموضوع يوجه أمام وزارة الزراعة لإجراء المسح الجيولوجي على التربة العراقية التي فيها كنوز وثروات غزيرة جدا توازي أهميتها (النفط) على المدى البعيد، كما أن فوائد تأمين المحاصيل تختلف تبعا لشركات التأمين، ومع ذلك فإن فوائد التأمين الزراعي الأساسية، خاصة في العراق، تسهم بحماية الفلاح والمزارع من المخاطر المحتملة لمحاصيلهم، ومن ثم مواردهم منها، وهي بذلك مخاطر لا قدرة لهم على منع وقوعها.
كما يحسّن تأمين المحاصيل أوضاع الفلاح عن طريق استدامة حصوله على السلف، لان تلف المحصول يتسبب في تلكؤ الفلاح عن تسديد دفع ديونه، لذلك فإن التسليف والمساعدة والعون الذي يلقاه عن طريق تأمين المحاصيل، يؤمن له موردا ثابتا رغم تلف مزروعاته وعدم وجود ربح من جرائها، فضلا عن أنه يحرر الفلاح من الدائنين ويقلل الاعتماد عليهم، الى جانب رفع مستوى الجمعيات ومؤسسات التسليف الأخرى، ومما لا شك فيه أن التأمين إذا كان شاملا لمخاطر الخزن فإنه سيساعد في إمكانية توفير المحاصيل وثبات أسعارها في وقت ندرتها وشحتها.
نستخلص من هذا الموضوع المهم الذي يمس حياة الشعب المعيشية، أن تأمين المحاصل اذا كان ضروريا تطبيقه في بعض الدول حال توفر البيانات المطلوبة له عن بعض المحاصيل الرئيسة لبعض المناطق المعنية، فمن المستحسن تطبيقه على سبيل التجربة وبنطاق محدود وفق أسس تجريبية تجنبا لإنفاق مبالغ كبيرة لا مبرر لها على أي مشروع أو أمر.