السكتة الزوجية

آراء 2022/04/03
...

طالما عرفنا، وعلى مر العصور، ومنذ اختراع الطب وتطوره، أن هنالك نوعين من السكتة التي تصيب الإنسان: الأولى، هي السكتة الدماغية، وهذا النوع يحدث لدى الإنسان، عندما تنقطع إمدادت الدم إلى جزء من الدماغ أو تنخفض، مما يمنع أنسجته من الحصول على الأوكسجين، والعناصر المغذية، ففي هذه الحالة، تبدأ خلايا الدماغ بالموت خلال دقائق، وتعد حالة طبية طبيعية.
 سجاد بردان
 
 أما النوع الثاني، فهو السكتة القلبية، أو ما تسمى بـ (النوبة القلبية)، وتحدث غالباً عندما تمنع الجلطة الدموية، تدفق الدم في الشريان التاجي، وهو الوعاء الدموي الذي يوصل الدم إلى جزء من عضلة القلب، أو حتى قد تدمرها 
كلياً. 
وفي الماضي، كانت السكتات القلبية تنتهي أحياناً بالموت، إما اليوم وبحسب الأبحاث وتطور الطب، فإن أكثر الذين يصابون بها، يبقون على قيد الحياة، وذلك بسبب الوعي الصحي 
المتزايد.
أما النوع الثالث، وهو ما يسمى 
بـ(السكتةالزوجية)، فإن هذا النوع يعد حديث الظهور والانتشار، والذي يصاب به البعض من الأفراد، لا سيما في المجتمعات النامية التي تفتقر إلى الثقافة 
الزوجية. 
وهذا النوع متزايد وسريع الامتداد في الآونة الأخيرة، وذلك في العراق خاصة، إذ أخذ يحدث داخل العائلة العراقية، وتحديداً بين الزوجين، وذلك بعد دخول العراق في حقبة التواصل الرقمي المفاجئة، وعدم امتلاك الأفراد للثقافة والوعي التام، في استخدام برامج التواصل الرقمي والإنترنت؛فقد بتنا نشاهد في السنوات الأخيرة الماضية، حدوث فجوة كبيرة بين الأسرة العراقية والمتمثلة بـ (الزوجين)، من تباعد تام فيما بينهما،والانشغال في التواصل الاجتماعي بشكل كبير،وغير مسبوق،إذ نرى الزوج في عالم ثانٍ بعيداً عن أسرته وزوجته، وانشغاله بدنيا أخرى، تمثل عالم التواصل الرقمي، من دون الإدراك لمخاطره وسلبياته. ومن الجانب الآخر، فإن الزوجة باتت أسيرة هذا العالم، والتواصل مع أشخاص يرتادونه، لغرض التسلية وقتل وقتهم، ويبذلون قصارى جهدهم لتمزيق الأسر والحياة الزوجية وتشتيتها. من ذلك أن نرى الزوجين مختلفين في الأفكار والآراء، وحتى في أبسط الحقوق في ما بينهم، ونجدهم حتى في داخل غرفتهم وعلى السرير، كل منهم ملتزم بالسكوت، والاختلاء بنفسه، ومنشغل عن الآخر في متاهات عالم التواصل الرقمي الرديء، من حيث الاستخدام غير الصحيح، دون التحدث والجلوس معاً،كما المعتاد بين الزوجين. 
وتعد هذه الحالة حديثة الولادة، لا سيما في المجتمع العراقي، وذلك بعد دخول العراق في العولمة الرقمية المفاجئة، من دون الإدراك والإلمام التام في استعمالها الصحيح 
والفعال. 
فقد بات أكثر الأفراد يستخدمونها في غير محلها، وهذا الاستخدام يشكل خطراً كبيراً على الحياة الزوجية، ويصل بهم الحال إلى الانفصال أو الطلاق 
النهائي. 
وقد شهد العراق في العقد الأخير نسب انفصال كبيرة وطلاق غير مسبوقة، إذ أكدت الإحصائيات، أن العراق شهد ١٠،٠٠٠٠ حالة طلاق، مقابل ٤٠٠٠ حالة زواج، أي بما يعادل نسبة
 ٢٣%. 
ومن أهم الأسباب التي تؤدي إلى انتشار هذه الحالة هي:
* عدم التوافق بين الزوجين في الأفكار 
* الاستخدام غير الصحيح لمواقع التواصل الاجتماعي 
* الزواج المبكر 
* الأسباب المادية والاقتصادية 
قد تكون هذا النقاط هي من أهم أسباب انتشار هذه الحالة. 
ويمكن معالجتها بعدة نقاط:
* التوعية التامة من خلال القنوات التلفزيونية وبث برامج أسرية هادفة.
* إقامة ندوات تهتم بالبناء الأسري 
* فرض قيود وعقوبات على مواقع التواصل الاجتماعي غير الهادفة، التي تسعى إلى تشتيت العائلة.
* الحد من ظاهرة الزواج المبكر. 
فهذه الحلول ربما تكون من النقاط المهمة للحد من هذه الحالة. وعلى القضاء العراقي إصدار قانون يمنع به زواج القاصرات، وتوجيه عقوبة لمن يسلك هذا المسلك، من دون الرجوع إلى المحكمة في عقود الزواج. وأيضاً، يجب أن تكون هنالك ثقافة تامة بين الأفراد في الحياة الأسرية والزوجية، لكي يتجنبوا الوقوع في هذه المخاطر.