غائبون بأمر المعلِّمين!

آراء 2022/04/07
...

 عبدالأمير المجر 
 
من بين الدروس المبكرة التي تعلّمناها، عندما كنا في مدرسة قريتنا الابتدائية القريبة من الأهوار، درس الالتزام بأوقات 
الدوام.. 
الحكاية ببساطة، أن أحد زملائنا التلاميذ في الصف الخامس، يتقن عملية صيد الطيور المائية بواسطة الشبكة، وكان الوقت شتاءً والطيور تكثر في هذا الموسم في المستنقعات القريبة من المدرسة، فعمل بعض المعلمين على استثمار مهارته في الصيد وتركه صباحا في (الدوشة) كما نسميها والتي هي مكمن الصياد الذي ينصب شبكة مموّهة قريبا منها ويراقب الطيور حتى تدخلها فيسحب الحبل لتطبق الشبكة على الطيور.. استمرأ بعض المعلمين هذا الأمر، حيث يحصلون على أعداد كبيرة من الطيور يوميا، واستمرأ التلميذ هذا الوضع الذي صار يعفيه عن حضور الدروس، وفي الوقت نفسه سيضمن له حصوله على درجات النجاح، كونه مكلّفا من قبل معلميه! 
إذ يأتي أحيانا بعد مرور درس أو درسين، لا أتذكر .. في أحد الأيام وبينما كنا في الصف وكان معلمنا الأستاذ ناجي محيبس، رحمه الله يشرح لنا الدرس، طرق التلميذ الباب ليدخل، وحجته طبعا هي أنه أخذ الإذن من المعلمين، لكن الأستاذ ناجي الذي لم يكن راضيا أصلا عن هذا الوضع، قال له؛ (مرة ثانية إذا جيت متأخر ما أقبلك 
بالصف)!! .. 
كان كلام المعلم مفاجئا لنا، لأن رغبات معلمينا وقتذاك بمثابة أوامر، فكيف الأمر مع أوامرهم التي يتمنى كل واحد منا أن ينفذها!، دخل التلميذ وقد أحرجه هذا التعنيف والتهديد، وأعتقد أنه لم يذهب الى (الدوشة) مرة أخرى بعد تلك الواقعة التي علقت بذهني، ولعلي استحضرها الآن مع النواب الذين صاروا ينفذون أوامر رؤساء كتلهم بعدم الحضور لجلسات البرلمان، وهم سعداء بذلك طالما أن رواتبهم مستمرة وينتظرون المزيد من الامتيازات الأخرى.. الشيء الذي قد لا يتوقعون حدوثه هو أن (معلما) حازما على غرار معلمنا، قد يقف لهم عند باب البرلمان يوما ما ويوقفهم، بعد أن تراكمت عليهم الغيابات، ويرفض دخولهم، لأنهم استوفوا أسباب الرسوب.. لا استطيع ان اصف شكل المعلم الان، لكنه قد يأتي بصيغة قرار من المحكمة الاتحادية وقد تكون هيأة رئاسة البرلمان نفسها... وقد يكون، وهو الأكثر ترجيحا على شكل عاصفة غضب شعبي تكمل ما بدأته ثورة تشرين ... والله اعلم!