روسيا تعيد إلى الأذهان أزمة الصواريخ الكوبيَّة

آراء 2022/04/09
...

   وليد خالد الزيدي 
 
سياسىة تقاسم النفوذ في العالم بين الولايات المتحدة ومن يدور بفلكها, من جهة, وروسيا ومن يدور بفلكها هي الأخرى, من جهة ثانية, تعد بمثابة الفوبيا، التي تثير القلق في أصقاع العالم, شرقا وغربا, فالقوتان الكبيرتان تسيران باتجاه واحد لا يتقاطع إطلاقا مع مصلحة اي منهما, فمسألة إنهاء سباق التسلح بينهما لا يعني ركونهما جانبا, بل إنهما ومن دون شك, قد اتفقا على رعاية مصالحهما, ووضع يديهما على أصدقائهما في العالم من دون الإجهار بهذا الاتفاق, الذي بقيَّ خالدا في أفكار منظري السياسة لدى المعسكرين, وهناك شواهد دامغة وواضحة لكل متابع لشؤون السياسة الدولية, فالولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي ووريثته روسيا الحالية, يواصلان على الدوام مد الأذرع شرقا وغربا وعلى دول عديدة، تحت ذرائع شتى كالأيديولوجيات المتناغمة والتوجهات الاقتصاديات المتشابهة, ومبدأ الأمن المزعوم لهما, رغم عدم توافر شروط التقارب الجيوغرافي والاندماج الديموغرافي في ساحات الصراع بينها, كما حدث بالفعل التدخل العسكري السوفيتي غير المباشر في كوبا وبما تسمى بأزمة الصواريخ الكوبية, وعدَّت أخطر المواجهات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي المتحالف مع كوبا في تشرين الاول عام1962, وضمن فترة الحرب الباردة, التي قورنت حينها بحصار برلين كواحدة من أخطر المواجهات بين المعسكرين الشرقي والغربي, وعدت أقرب أزمة كادت تودي بقيام حرب نووية, جاءت في أعقاب عمليات أميركية فاشلة لإسقاط النظام الكوبي بزعامة فيدل كاسترو المناوئ لسياسة واشنطن بغزو خليج الخنازير, فشرع الكوبيون والسوفيت في بناء قواعد سرية لصواريخ نووية متوسطة المدى في كوبا، بحيث يمكنها تدمير معظم أراضي الولايات المتحدة, لكن على ما يبدو أن القادة السوفيت أدركوا حاجتهم ووجدوا ضالتهم في التحالف مع كاسترو, بعدما نشرت أميركا صواريخ (ثور) في بريطانيا سنة 1958 وصواريخ جوبيتر في إيطاليا وتركيا سنة1961، وأصبحي لها القدرة بضرب موسكو بأكثر من 100 صاروخ ذي رأس نووي.
اقتربت تلك الأزمة جدا من المواجهة النووية كأول واقعة موثقة لخطر نسف متبادل، بعدما ظهرت صور استطلاع من طائرات تجسس أميركية وجود قواعد لصواريخ نووية سوفيتية قيد الانشاء في كوبا, فأعلنت واشنطن رفضها وجود أسلحة مدمرة قرب تخومها, وطالبت السوفيت بتفكيكها, ورفض الكرملين علنا تلك المطالب, لكنه وافق عبر قنوات 
سرية.
قادة الكرملين اليوم يريدون بحربهم في اوكرانيا تذكير الغرب بتلك الأزمة, وكيف انتهت باشتراطات السوفيت حينها على الأميركان, ففضلا عن تعهد أميركا بعدم مهاجمة كوبا, تعهدت سرا بنزع صواريخ (ثور وجوبيتير) الباليستية التي كانت تطوق الأراضي السوفيتية, في بريطانيا وايطاليا وتركيا, لا سيما أن الغر ب بسياسته الحالية القائمة على ضم اوكرانيا لحلفه العسكري (الناتو) انما هو للإمعان في محاولة خنق روسيا وتقليل تأثيرها الدولي اليوم.
ويبدو واقعا أن سياسة جص النبض بين الطرفين لا تزال قائمة بين قادة البيت الأبيض وزعماء الكرملين، كدور الرحى حينما تشتد الأزمات وتتعاظم قوى الجانبين, وتتضارب المصالح بينهما.