الاستعادة المستحيلة

آراء 2022/04/09
...

 ساطع راجي
 
ماذا كان يريد العراقيون، أو الأغلبية الساحقة منهم، قبل انطلاق حرب سقوط نظام صدام عام 2003؟، وماذا كانوا يريدون قبل إقدام صدام على غزو الكويت عام 1991 وهو ما أسس وأطلق العملية الطويلة لإسقاط صدام؟، ما هي مواقف أغلبية المواطنين من دول وشعوب العالم الاخرى؟، وما هو موقفهم من الحرب والعنف كمنهج؟.
إن مناخات فكرية وسياسية حرة وقدرة ثقافية كبيرة هي الأدوات اللازمة لاستعادة لحظات وعينا الجمعي او حتى احلامنا الجمعية، للأسف لا نمتلك أرشيفا صريحا يدوّن الأهداف والرغبات العامة للمواطنين، وبالتالي يمكننا من اكتشاف الزيغ الذي وقعنا فيه مع مرور الوقت وتشابك الاحداث، فانحرفنا كمواطنين عن أهدافنا وأحلامنا وتورطنا في الدفاع عن أهداف وأحلام القوى الحاكمة، سواء قبل 2003 أو بعدها.
قد يتسع السؤال ويتجاوز استذكار سقوط نظام صدام والاحداث المؤدية إليه ليشمل استذكار تأسيس الدولة العراقية الحديثة في مئويتها، ماذا كانت تريد هذه الدولة أو مؤسسوها لحظة انطلاقها وماذا كان يريد المواطنون منها؟، هل كانت تقلباتها استجابة للمواطنين او تلاعبا بهم؟، هل كان المواطنون يعملون لتحقيق أهدافهم أم لتحقيق أهداف الحكام الرسميين وغير الرسميين؟.
يستحيل العثور على إرشيف محايد أو ذاكرة نقية تساعدنا في استعادة الأهداف والرغبات والأحلام العامة، ولذلك نجد أنفسنا، كمواطنين، متورطين دائما في تحقيق احلام وأهداف الحكام الرسميين وغير الرسميين، الحكام الأحياء والموتى، نعم نحن شعب يحكمنا الكثير من الموتى القدامى والجدد، وسنبقى متورطين في ذلك ما دمنا غير قادرين على تثبيت أهدافنا وأحلامنا وعدم السماح بتحريفها او التلاعب بها او تلبيسها أقنعة الدين والمذهب والقومية والحزب.
وبما أن استعادة الأهداف والأحلام العامة قبل الأحداث الكبرى مستحيلة، كما أن تحديد أهدافنا وأحلامنا الراهنة يخضع للخلافات والتلاعب، يمكننا الذهاب إلى الأسئلة البسيطة والساذجة، الأسئلة القديمة، ونقدم اجابات صريحة بلا (لكن)، هل نحن مع مبدأ الحرب أم ضده؟ هل نؤيد العنف لتحقيق الأهداف؟! هل نؤمن بالعدالة كضرورة في 
بلادنا؟.
الأسئلة بسيطة وقديمة، لكن القدرة على توفيرالاجابة صعبة، ويمكن اكتشاف الصعوبة عندما تفكر بإمكانية تطبيق القانون ومسطرة الأخلاق على زعيمك الديني أو السياسي أو العشائري.
تحرر المواطنين من تلبس أهداف الحكام والتورط بها لن يكون ممكنا، إلا بإنزال هؤلاء الحكام إلى منزلة المواطنين العاديين، لتسود أهداف المواطن 
العادي.