السجون..عقابٌ أم إصلاح؟

آراء 2022/04/09
...

 حسب الله يحيى
 
لا يختلف اثنان بشأن تراكم أعداد السجناء في العراق.
ولا أحد يختلف بشأن السجون كونها ليست أماكن إصلاحيَّة كما يجري الحديث عن وصفها، وإنما هي أماكن عقابية وانتقامية أحيانا، وبالتأكيد أن هناك كثرة من الأبرياء، الذين يعاقبون بالسجن بتهمة كيدية، او حالة انفعالية تضيق بها النفوس مما يجعلها تعاقب بالسجن الذي يطول أمد البقاء بين جدرانه لأمد غير معلوم.
السجون العراقية، لم تعد إصلاحية ولا عقابية؛ بدليل أن قسما من (خريجي) السجون يخرجون وهم أكثر سوءا في سلوكهم قبل دخولهم السجن بسبب اختلاطهم بمجرمين وفاسدين وقتلة.
وليست إصلاحية بدليل أن عددا من (المصلحين) يسحبهم عتاة السجناء الى منطقتهم، أو أنهم لا يصلحون حالا ولا أحوالا.
ما العمل.. إذن؟.
السجن رادع مؤقت لكل متهم، وما دام متهما لم يُدن بجريمة فهو في حفظ العدالة وأمانتها ورعايتها.. وهذا يتطلب وضع المتهمين في أماكن لا علاقة لها بالمحكومين، الى جانب حسم قضية كل واحد من المتهمين بالسرعة الممكنة.. لا أن يدفع المتهم من عمره وحياته وهو بريء.
أما أن يزجَّ بكل شخص نتيجة الاشتباه من دون محاكمة ولفترة زمنية غير محدودة، فإنَّ من شأن هذا الحال أن يملأ السجون بالأبرياء الذين يتحولون مع ثقل حجزهم لأمد زمني طويل الى مجرمين والى حاقدين على الناس وعلى زجهم في السجون.
وبالتأكيد، لا تريد أية حكومة وطنية منصفة أن يزج بالناس في السجون من دون سبب وجيه، فهي لا تريد أن تثقل على نفسها أعباء السجون والمسجونين، ولا أن تثقل على القضاء بكثرة السجناء.
لجان التحقيق الأولية يمكن أن تتكفّل بقسط وافر من الحلول التي لا تحتاج الى زمن طويل لكي يحسمها القضاء.
وكثير من الأمور يمكن أن تحل برادع توقيفي يسير، او حكمة المصالحة التي ترقى الى مستوى المحبة منها الى العداوة والتعامل الشرس.
كذلك يحسن أن يكون هناك قضاء عادل وحاسم وعاجل، يحسم القضايا على وجه السرعة، بوصفه يتعامل مع كائنات بشرية لا نريد أن نخسرها في بناء نفسها وتفاعلها مع الآخرين.
وهذا يتطلب تعيين أعداد جديدة من القضاة الذين يحسنون العمل في حسم الكثير من قضايا التوقيف التي لا تملك أدلة جنائيَّة ولا براهين ولا دلالات منطقية واضحة.
هذا الكلام لا يعني أن لا نلاحق الجريمة وأن لا نعاقب مرتكبيها؛ بل إنّنا نشدد على هذا الجانب، غير أننا لا نريد أن نحسب الحنطة مع الزؤان، فلكل خصائصه ولكل عواقبه التي يستحق عنها العقاب والحكم الرشيد.
السجون التي تحتاج الى مفاتيح عدالة عاجلة، لا أن تراكم البراءة مع الإدانة في زمان ومكان محددين.. ذلك أن البراءة قد تتلوث، والإدانة قد تكون أعتى وأشد في سلوكها 
المشين.
السجون عقاب وإصلاح، ولا عقاب الى ما لا نهاية.. فيما الإصلاح مستمر وفاعل ويمتد الى ما لا نهاية.