الحرب الرَّوسية غاية تبرَّر الوسيلة

آراء 2022/04/13
...

 عصام كاظم جري 
اتخذت روسيا من حربها مؤخرا على أوكرانيا وسيلة لتحقيق غايات جيوسياسية من دون العودة إلى الاتفاقية الدوليّة ومراعاة الأوضاع الإنسانيّة، فضلا عن عدم احترامها لشأن وسيادة الدول المستقلة بذرائع عديدة تبدأ ولا تنتهي، وبهذه الحرب تعد روسيا واحدة من بين الدول التي تهدد السلم والأمن العالميّ. 
ومنذ البدءِ أخذتْ روسيا تشحذُ المواقف من بعض الدّول، لا سيما العربيّة والآسيويّة، وقد سمعنا كيف تمت مهاجمة إسرائيل من قبل النائب الأوّل لسفير روسيا الدائم في الأمم المتحدة "دميتري بوليانسكي"، مؤكدا موقف روسيا بعدم الاعتراف بالسيادة الإسرائيليّة على مرتفعات الجولان، ومعترفا بأن الجولان جزءٌ لا يتجزأ من سوريا. 
جاءت هذه التّصريحات بعد أن أصدرتْ وزارةُ الخارجية الإسرائيليّة، ولأوّل مرّة منذ اندلاع الحرب الروسيا/ الأُوكرانية، بيانا يؤيد فيه أُوكرانيا ضد روسيا. والسؤال هنا أين كانت مواقف روسيا قبل هذا الوقت من الاحتلال الإسرائيليّ للجولان؟
ولماذا لم تُعلن موقفها هذا قبل الحرب، أو قبل تصريح الكيان الصهيوني الغاصب بتأييد أُوكرانيا؟
إن روسيا كانت وما زالتْ حليفة لإسرائيل. 
ومنذ قيام الاتحاد السوفيتي لم تكن في يوم ماحليفة للعرب، وإن مجمل العلاقات الروسيا/ العربية ما هي إلا صففات لبيع الأسلحة بدوافع قمع الشعوب العربيّة، ولا يخفى على أحد أن لروسيا علاقات قوية مع إسرائيل منذ إعلان تأسيسها عام 1948، وكانت اوّل دولة قد اعترفت بالكيان الصهيوني الغاصب. 
وكفى بروسيا أن تعترف بأكثر من مليون ناطق باللغة الروسيا يعيشون حاليا في إسرائيل! وإن التقارب الروسي الصهيوني يحتل أعلى مستوى له وعلاقاتهما مبنية على أسس المصالح المتبادلة. 
ولا ننسى أن روسيا عملت بالفعل على إبْعاد الجيش العربي السّوري والقوات الموالية له، أو ما يسمى بمحور المقاومة من مناطق في سوريا قريبة جدا من الجولان، وقد اقترحت روسيا أن تظل تلك القوة على بُعد ثمانين كيلومترا من الجولان، وكان هذا القرار غير كاف لرغبة حليف روسيا "نتنياهو" الذي يصرُّ على مسك تلك المناطق من قبل القوات العسكرية الروسيا. 
إذاً الحقيقة أن روسيا هي الأقرب إلى إسرائيل من غيرها، ولنكن أكثر صراحة وواقعية، الجميع يعلم بأن كل الغارات الجوية الصهيونيّة تنطلق إلى الأراضي السورية بموافقة روسيا. 
أما دول الشّرق الأوسط وعلاقتها بالحرب الروسية فلن تدخل هذه الدّول في المعادلة عالميّا، لأن روسيا والغرب قطبا المعادلة يمتلكان القرار والنفوذ والجيوش والمرتزقة والأسلحة والقواعد والعملاء. 
وبلا أدنى شك عندما يصبح الأمن القومي لايِّ بلدٍ سواء أكانت روسيا أم غيرها على المحك لن يكون بعد ذلك شيء أهم من حماية الأمن القومي بالنسبة لتلك البلدان، ولكن يبقى خيار الحرب آخر الداء. 
وللأسف أن بعض الدّول العربيّة والآسيويّة مستمرة في الوقوف إلى جانب روسيا لتحقيق أحلامها في إعادة المجد السوفيتي، بينما روسيا مستمرة في دعمها للكيان الصهيونيّ ضد العرب، ويخطئ من يظن بان هناك اقتصاديات قوية وجبارة وعظيمة تدعم روسيا وتقف معها عن بُعد أو من المقاعد الخلفية في مواجهة العقوبات والحظر الاقتصاديّ والدبلوماسيّ.
وبالاخير لن تكون تلك المقاعد الخلفية بيضة القبان في حرب روسيا مع أُوكرانيا.