9 نيسان.. نجاح التغيير وأخطاء تأسيس الدولة الجديدة

آراء 2022/04/13
...

حلت قبل أيام الذكرى التاسعة عشرة للإطاحة بالنظام الدكتاتوري ورئيسه، وانعقدت آمال غالبية العراقيين وأمنياتهم بتأسيس دولة جديدة ينبثق عنها نظام سياسي جديد ونقيض للنظام الذي أطيح به يحقق المواطنة الحقة والعدالة والمساواة ويلبي احتياجاتهم الأساسية، وحتى غير الأساسية، في التقدم والازدهار والسعادة والأمن لجميع المواطنين. 
عبد الحليم الرهيمي
غير أن هذه الآمال والأمنيات بدأت تتبدد، بشكل غير منظور ابتداءً، بسبب فشل وعجز وعدم أهلية معظم الجهات والأفراد الذين تصدوا للمشهد السياسي، وكذلك بسبب أخطاء التأسيس للدولة الجديدة والنظام السياسي المنبثق عنها، وذلك من دون تجاهل العوامل والأسباب الداخلية والخارجية التي لعبت دوراً مؤثراً في أخطاء التأسيس وفي الفشل بتأسيس الدولة والنظام السياسي الجديدين.
كانت أخطاء التأسيس التي أشار إليها وتحدث عنها الكثير من الكتاب والسياسيين كثيرة، لكن لم يجرِ تناولها بشكل تحليلي وتبيان أسباب ومبررات ارتكابها أو القيام بها ومن دون اقتراح الخطوات او الإجراءات العملية لتجاوزها.
أما أهم وأبرز تلك الأخطاء التي رافقت التأسيس منذ البدء، ثم تراكمت بتناسل أخطاء جديدة بنيت عليها او أضيفت لها فهي: 
- خطأ حل الجيش والمؤسسات الأمنية والإدارات التابعة لها، الأمر الذي أحدث فراغاً كبيراً في أمن العراق وشعبه، وكان ينبغي فقط ، إجراء التطهيرات اللازمة بالقيادات والجهات الفاسدة او المتهمة بارتكاب التجاوزات والجرائم ضد العراقيين.
- خطأ الإسراع بصياغة الدستور وإقراره بالاستفتاء عليه في لحظة زمنية غير مناسبة وذلك لبقاء الانفعالات والروح الثأرية لدى الكثيرين، وعدم إيكال مهمة كتابته لخبراء القانون والاجتماع وهم كثيرون، وكانت إحدى النتائج السلبية لذلك هي عدم مشاركة أحزاب سياسية كانت تقدم نفسها على أنها تتحدث باسم (السنة) وليس باسم مواطنين لهم انتماؤهم المذهبي الخاص بهم كبقية المذاهب.
- خطأ إصدار قانون (اجتثاث البعث) الأمر الذي دفع ملايين العراقيين الذين أرغمهم النظام السابق للانتماء اليه، وان عدم أخذ ذلك في الاعتبار أسفر عن بث الرعب في نفوس الكثيرين واتخاذهم مواقف سلبية تجاه النظام الجديد فضلاً عن خسارة العراق لمئات إن لم نقل آلاف الكوادر والكفاءات التي غادرت العراق. وكان ينبغي بدل ارتكاب هذا الخطأ أن تجري مساءلة ومحاسبة من تقدم بحقه ارتكابات جرميَّة او  فساد عبر القضاء.
- خطأ البقاء على الكثير من القوانين التي سنها النظام السابق في غير مصلحة  العراق وعدم القيام -  مقابل ذلك -  بتشريع قوانين جديدة تتطلبها مرحلة التأسيس، لمنع الطروحات الطائفية ومحاربة الفساد وحصر السلاح بيد الدولة.
- ولأنَّ الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية تنذر بوقوع أحداث تتطلب إقامة نظام سياسي جديد وبديل للنظام القائم، فإن ذلك يتطلب ممن سيتصدرون المشهد سواء من داخل النظام أو من  (التشرينيين) القدامى او من منتفضين جدد،  الحذر والتحسّب لعدم الوقوع بأخطاء في التأسيس الجديد، بالاستفادة من أخطاء التأسيس لعام 2003 او من أخطاء جديدة ترتكب عن وعي او من دونه، كي يضمن ذلك مساراً صحيحاً ومنتجاً لنظام حكم وسلطات تلبي مصالح الشعب الوطنية والخدمية والعيش بحرية وكرامة وازدهار وسعادة، فليس ذلك بكثير على شعب عانى – وما يزال – من سوء إدارات حكمه.