حب على الطريقة الهندية

آراء 2022/04/16
...

 رعد اطياف
 
أغلب الظواهر النفسية التي نتعاطى معها تجاه النساء  نمنحها مفهوم (الحب). والواقع، وبحسب الكثير من تجارب الحياة، إن أغلب هذه المشاعر ناشئة من التعلق. هذا الأخير حالة مرضية يفقد معها الشخص لحظة السلام ويرافقها شعور مؤلم وقلق مستمر من فقدان ما نتعلق به. من هذه الناحية يمكن لهذا التعلق أن يتحول إلى حالة عدائية قد تصل لمستويات القتل. التعلق سم قاتل وانتحار بطيء يغدو فيه الذهن مفاعلاً نووياً لشتى الصور النفسية المؤلمة. تتشبث الأنا بما تتعلق به بدافع الربوبية وحق الامتلاك وتضيع معها كل أشكال الرحمة والشفقة، فتقع في شراك الحب المشروط. الانفتاح عكس التعلق؛ إنه حالة من التعاطي اللامشروط بين الطرفين مصحوب بالأمنيات النبيلة أن يكون المحبوب في أفضل حال. الذهن المضطرب بعصاب التعلق لا يمكنه فهم الحب، ويتعامل مع من يحب كما يتعامل مع أي تحفة يعتز بها. في لحظات الحب الحقيقي نجد سلامنا الداخلي، وبخلافه يغدو حالة مرضية ومكيدة من مكائد الأنا.
من خلال الخبرات الشخصية التي راكمتها تجارب الحياة شاهدت الكثير من العلاقات المؤلمة بين الجنسين. وعادة ما نسقط على تلك العلاقات معنى الحب. الإذلال الذي قد يحدث، وشرود الفكر، والحرمان من لذة النوم، والبكاء في أحيان كثيرة، والتوهم أنه بدون هذه العلاقة لن يكون هنالك بديل آخر عن ذلك المحبوب الذي تعلقنا به. ثمّة مختبر رهيب يغربل كل هذه الادعاءات حينما يُتوّج ذلك «الحب» بالزواج؛ فتنتقل العلاقة من طور الجماليات الشعرية إلى طور الواقع الخالي من دراما الحب الهندي. بمعنى أن العلاقة الزوجية تأخذ منحىً آخر لا يعتني كثيرًا بهذه المشاعر «الحبيّة» المبالغ فيها. ستكون إدارة الأسرة تربويًا وماليًا وتحديد الإنجاب وتوزيع المهام هي الأولوية، وتتعرض الفوارق الجنسية لاختبارات قاسية؛ كيف سينظر الطرفان لبعضهما، هل سيمارس الرجل سلطته الذكورية المبالغ فيها أم العكس، أم يتشاركان الحياة بطريقة معقولة؟، هل ستنتقل علاقة الحب إلى طور جديد كالصداقة مثلًا؟. ربما، وفي منتصف الطريق، سيعيد الزوجان النظر في أدبيات الحب القديمة!، وقد يكتشفان أن الحب على طريقة الأفلام الرومانسية نكتة غير مضحكة، وإن العطاء بلا مقابل هو التفسير الواقعي للحب، لذلك معظمنا، ربما، يسقط في هذه العلاقة المعقّدة والصعبة، لأنها تتطلب الإيثار، وهذا الأخير لا يتمتع به إلّا أفراد قلائل، فالسمة الغالبة هي أنانية البشر وشعورهم بأنهم أكثر أهمية من الآخرين، فيحاولون التكتم على هذه الرذيلة عن طريق الحب المزيف.