في أحدث رواياتها: ماري لاوسون ترسم ملامح حزن خفي وذكريَّات دفينة

ثقافة 2022/04/16
...

  ترجمة: عدوية الهلالي 
 
ماري لاوسون هي روائية كندية عاشت لفترة طويلة في انجلترا.. واليوم تسترجع ذكرياتها عن غابة اونتاريو -حيث نشأت- في أحدث رواياتها التي تتناول قصة فتاة مراهقة تدعى (روز) من بلدة سولاس الصغيرة في شمال اونتاريو تهرب من والديها تاركة أختها الصغيرة (كلارا) البالغة من العمر سبع سنوات في حيرة من أمرها، فهي تكرّس كل يومها للجلوس قرب النافذة لمراقبة عودة شقيقتها الكبرى المحبوبة، لكنها ترصد من نافذتها أيضا وجود رجل غريب وغامض في منزل جارتها السيدة اوركارد، ومنذ تلك اللحظة، تبدأ الفتاة الصغيرة بالتحقيق في الأمر وتكتشف بأنَّ الكبار يخفون أشياء كثيرة عنها.. تحمل الرواية عنوان (عزاء الأرواح) وقامت فاليري بورجوا بترجمتها الى الفرنسية وصدرت مؤخرا عن دار بلفوند للنشر.
تؤدي حادثة اختفاء روز البالغة من العمر 16 عاما الى انهيار حياة شقيقتها الصغرى كلارا ذات السبع سنوات، ففي بلدة صغيرة حيث يعرف الجميع بعضهم البعض، تبدأ الشكوك من قبل الجميع فأين يمكن أن تذهب وبمن يمكن أن تلتقي في طريقها، أما شقيقتها كلارا فتؤمن بحقيقة واحدة وهي أن روز ستعود مهما حدث وعليها أن تواصل المراقبة بينما يحضر لها والداها على الرغم من ألمهما الكبير عشاءها كل ليلة وهي تجلس أمام النافذة التي تذكرنا بأفلام هيتشكوك فهي المكان الذي يبدو فيه العالم وكأنه شاشة فيلم صامت بينما سيكون بيت الجيران هو ذلك العالم.
كانت الفتاة الصغيرة قد وعدت السيدة اوركارد التي ترقد في المستشفى بإطعام قطتها حتى تعود لذلك كانت تغادر نافذتها من وقت لآخر لإطعام القطة الوحيدة مثلها والتي تستمتع بصحبتها للحظات، وفي إحدى الأمسيات، شاهدت كلارا ظهور رجل غريب في منزل جارتها مع صناديق وضعها في منتصف حجرة المعيشة.. اعتبرته دخيلا بالتأكيد وشعرت بأنَّ الذهاب الى منزل السيدة اوركارد سيكون محفوفا بالمخاطر إذ يمكن للرجل أن يغير رأيه ويعود في أي وقت لكنها لم تكن تمتلك 
خيارا إذا أرادت أن تفي بوعدها وترعى 
القطة. 
لقد قامت ماري لاوسون ببناء روايتها بثلاثة أزمان إذ تتعاقب الفصول (كلارا) والدخيل (ليام) واليزابيث (مدام اوركارد) بصورة نظامية أو عشوائية، فهي تنسج لغزاً جديداً يفرض نفسه على لغز الاختفاء الأول كما تتناوب قصص الماضي والحاضر مع هؤلاء الأشخاص الثلاثة الذين يشتركون في معاناتهم من جروح نفسيَّة تجعلهم مرتابين من العالم الخارجي كما لو كانوا محبوسين، من دون إمكانية التواصل فيما بينهم.. مع ذلك، سيكون كل منهم، بالنسبة للآخر، مصدرا للانفتاح على العالم المحسوس والمليء بالمشاعر العظيمة التي تفيض بها أرواح البشر أحيانا.. وهكذا، تعيدنا ماري لاوسون بأسلوبها الناعم البسيط الذي يتكيّف مع كل رواية من رواياتها إلى ذكرياتها الكنديَّة وكأنَّها خرجت من حلم طويل وبالتدريج تنكشف القصة أمامنا ونتعرّف أكثر على الشخصيات ثم يكتشف القارئ النتائج بعد تداخل الأحداث والشخصيات مع بعضها البعض.
ولدت الكاتبة ماري لاوسون في جنوب غرب اونتاريو وأمضت طفولتها في بلاكويل. عمل والدها كباحث كيميائي. 
مع حصولها على شهادة في علم النفس من جامعة ماكجيل، قامت لاوسون برحلة إلى بريطانيا وانتهى بها الأمر بقبول وظيفة كطبيبة نفسانيَّة ثم تزوَّجت من عالم النفس البريطاني ريتشارد موبس. 
بعد أن استقرّت في بريطانيا كتبت قصصا قصيرة لمجلات نسائيَّة ثم كتبت روايتها الأولى وكانت لاوسون في الخمسينيات من عمرها عندما كتبتها، وأمضت سنوات لإنجازها لكنها لم تعجبها، ثم أمضت خمس سنوات أخرى في الكتابة حتى اكتمال رواية (بحيرة كرو) واستغرقت ثلاث سنوات أخرى للعثور على ناشر. 
وفي عام 2007، احتلت رواية لاوسون الثانية (الجانب الآخر من الجسر) المرتبة الأولى في قائمة الكتب الخيالية الأكثر مبيعا.. أما روايتها الأولى (بحيرة كرو) التي لم تكن مقتنعة بها كثيراً فقد حققت نجاحا هائلا وتم نشرها في 22 دولة وحققت الكاتبة بدورها شهرة كبيرة وتمت ترجمة رواياتها الى لغات عدة.