لا يكفي أن تسقط الحجارة

آراء 2022/04/17
...

 حارث رسمي الهيتي
 
ما أن أسقطت تلك المدرعة الأميركية تمثالاً لصدام وهو يتوسط ساحة الفردوس في قلب العاصمة بغداد في نيسان ،2003 حتى دخلنا في جدالٍ يتكرر كل عام، وعلى ما يبدو فإن هذا الــــــ «نيسان» سيبقى حاضراً وقادراً على إثارة موجات من القرف وحملات تقودها أقلام وأصوات أزعم أنها معلومة للجميع، تهدف إلى تلميع واحدة من أقذر الفترات التي مرت على تاريخ هذه البلاد. والكارثة إن بعضاً من هؤلاء وبحكم المصالح السياسية التي لا تراعي شيئاً في الغالب - حتى الأخلاق - يجري السكوت عنهم أو تجاهل خطر ما يقومون به. 
حزب البعث وتجربته في ابتلاع الدولة ولاحقاً صدام الذي ابتلع كل شيءـ الدولة والحزب والعائلة- والحديث عن كل تلك التجربة لا يمكن القبول بها من باب حرية الرأي والتعبير، أو أن يعطى المجال لأي كان بالتبرير لقرابة نصف قرن من الدماء والقتل والتهجير والإبادة. قبل سنوات كان بعضهم يتحدث عن رأيه – الحق مثلما يزعم- في ثماني سنوات من الحرب التي أحرقت الأخضر واليابس ومعها كثير من أخلاق هذا المجتمع وقيمه، ولاحقاً عما جرى إبان احتلال الكويت. اليوم تصل الصلافة بأن يتحدث عن مدى أحقية النظام السابق في اتخاذ قرارات اجرامية بحجج شتى. أصبحنا الآن نجد تبريرات لعمليات الانفال وضرب حلبجة بالسلاح الكيمياوي وتجفيف الأهوار، يبرر هؤلاء كل عمليات القتل الوحشي الذي تعرض له المنتفضون العراقيون بعد انسحاب الجيش من الكويت. 
مرةً كنا نتحدث عن جرائم هذا الوحش الذي ابتلينا به إلى اليوم، وسقت مثالاً عن ذلك الشاب الذي ظهر في أحد مقاطع الفيديو التي انتشرت بعد سقوط نظام صدام، وهو يجلس معصوب العينين ويضع أحد رجال الأمن قنبلة في جيبه لتجعله بعد لحظات لحماً متناثراً على الأرض، وقتها كنت أعتقد بأن من أتحدث معه سيصمت، الا أنه استحضر كل وقاحة الكون وكل ما في اللغة من شعارات خشبية وقال لي «هذا مصير الخونة» وأقسم انه لم يكن يعرف الضحية مطلقاً. 
في كل لحظة يعاد فيها النقاش عن ذلك النظام وجرائمه، عن ذلك المسخ الذي جثم على صدورنا طويلاً اؤمن بأن النظام السياسي الجديد إلى الآن لم يبدأ بالتعامل الجدي مع تلك التجربة، لم يدرسها جيداً أو يفكر بالطريقة المثلى لترسيخ سوداوية واجرام تلك الفترة.