مسرحيَّة «لقمة عيش»

ثقافة 2022/04/18
...

 أ.د. باسم الاعسم
 
ضمن مهرجان أيام كربلاء الدولي للمسرح، قدمت فرقة مسرح الدّن في سلطنة عمان مسرحية (لقمة عيش) تأليف جمال صقر ودراماتورج وإخراج محمد سعيد الرواحي.
وتألف نص خطاب العرض المسرحي من ستة شباب توحّدوا بالزي واللعب في فضاء مسرحي خالٍ من أية قطعة ديكورية أو إكسسوارات واضحة للعيان، سوى أجساد تلعب في فضاء أسود تخلله عطر عماني جذاب، ربما أريد له الإشارة الى محلية الأحداث.
ينتمي العرض إلى المسرح الفقير بإمكاناته المادية وظروفه المعطاة، لأنَّه يعوّل على إيصال المضمونات وليست الأشكال المبهرجة، لذلك احتشد متن العرض بموضوعات اجتماعية وسياسية واقتصادية ذات مساس بحياة الناس، حتى سمّي العرض بـ (لقمة عيش).
تراوح العرض بين الواقعية المباشرة وبين الرمزية المشفرة، على وفق لعبة أدائية تخللتها الكوميديا الساخرة التي أثارت شهيَّة الجمهور الذي تفاعل مع العرض الواخز، وقد لمسنا ذلك التفاعل عبر التصفيق المنبعث من القاعة، ولقد تآزرت الكوميديا مع الأصوات والأجساد بمساعدة الموسيقى للتخفيف من ثقل المضمون، لتحقيق الاستجابة الجمالية مع الجمهور.
لقد اقترب العرض من صيغة الارتجال المنظم، خاصة وأن العرض قد اتكأ على الرصد الواقعي للظواهر الحياتية ونقدها حتى بدت مشاهد العرض وكأنها مستقلة أو مكتفية بذاتها، لكن ثمة خيط رفيع قد ربط مشاهد العرض، على الرغم من الإسراف الواضح في الحديث عن لقمة العيش عبر تنويعات أدائيّة وقوليّة واضحة هي الأخرى.
المهم أنَّ المخرج قد عالج التراجيديا أو مأساويّة الأحداث بوساطة الكوميديا، والفراغ من خلال امتلاء الفضاء بأجساد الممثلين، والرتابة الايقاعيّة بالحركات المتنوّعة التي أضفت على العرض الإيقاع الديناميكي المتنامي، فتحقق بذلك التواصل العاطفي والوجداني مع الجمهور.
وعلى الرغم من اختلاف هذا العرض عن عروض المهرجان إلّا أنَّ الرتابة قد بدت على بعض مفاصله، بسبب فائض الطرح حول لقمة العيش، وتكرار ذلك في مواضع عدة، وإلّا فلا اعتراض على الطاقة الفنية الأدائيَّة التي تمتع بها أبطال العرض المتحرّك الذين تصدّوا بروح أدائيَّة منضبطة الى جملة من الموضوعات والتناقضات المجتمعيّة، مثلما هو زي الممثلين (الأسود والأبيض)، وبشكل جاد يستهدف إيصال المضمون من خلال الأشكال الأدائيّة التي توزّعت على مساحة جغرافية المسرح عبر الحركات الموحية والتكوينات الجسدية الدالة، 
وإن كنا نأمل أن يختزل العرض زمنيّاً ما دامت الأفكار قد اتّضحتْ.