ثامر الهيمص
بلغ تعداد العمال الأجانب اكثر من مليون عامل، بمختلف المستويات، وامتدت إلى العمل في الشركات الأجنبية من النفط إلى باقي حقول الاستثمار، بالمقابل سبقها بطالة تراوح معدلاتها او تتسابق مع نسبة الفقر بعلاقة طردية، حيث وصلت نسبة الفقر في بعض المحافظات إلى أكثر من 50 % .
رجال الأعمال يقولون إنهم ليسوا جمعيات خيرية، ومهما كان فإن العامل الأجنبي كلفته أقل وأقل شوشرة، لأنه عامل مؤقت وله مهمة محددة، إذ لا ضمان اجتماعيا او صحيا للعامل الأجنبي، ولا قانون للعمل يذود عنه، وهذه مخالفة لقانون العمل رقم 37 لسنة 2015، حيث تنص المادة 31 منه على منع وحظر العامل الاجنبي بأي عمل قبل الحصول على إجازة العمل من
جانبه.
لا يفوتنا أن كلفة العامل الاجنبي الاقتصادية غير المنظورة كبيرة من خلال تحويل مستحاقته لبلده، إضافة لكلفته الامنية، فلا يقع هذا على كاهل رب العمل، الذي يسهم من خلال عماله الأجانب كمستثمر، في تعزيز وتكريس البطالة العراقية، بينما مهام الاستثمار الأساسية مكافحة البطالة الوطنية.
بعد انتفاخ الجهاز التنفيذي الحكومي لأربعة أضعاف الحاجة، توقف التوظيف عمليا منذ العام 2014 ، ما عدا عقود عمل من دون ضمان اجتماعي، بأمل عودة التعينات لكي يكونوا مؤهلين للتثبيت، لاعتبارات ليس لها علاقة بالحاجة او الجدوى الاقتصادية للمشاريع، ولكن ما زال التوسع في الدرجات الخاصة بكل دورة انتخابية مع حركة الملاك في الدرجات العليا .
فالدورة الانتخابية الجديدة لها، كسابقتها، راتب تقاعدي وحمايات عن خدمة بحدها الأعلى 12 سنة او اربع سنوات بحدها الأدنى، رغم مخالفة الأمر لقانون الخدمة المدنية كليا ووفق ابسط الاعتبارات، اذ بات هذا الباب رقما صعبا، ليشكل سببا في إضعاف الاستثمار المحلي، الذي يمثل بوابتنا لتقليص بطالتنا وبسط أمنا ومكافحة فقرنا، التي ما زالت تعالج بالعمالة الأجنبية (وداوني بالتي كانت هي الداء).
يدعي أصحاب الأعمال أن العامل العراقي مشاكس، كما أنه يطالب بالعطل كنظيره العامل في القطاع العام، الذي يتمتع بـ 118 يوما من السنة عطلا ومناسبات، ويطالب بضمان اجتماعي وصحي (حقوق الانسان)، وهذا يشكل كلفة إدارية ومالية تعد عرقلة للاستثمار، كما أن العامل الأجنبي أقل أجرا.
وبما أن المستثمر سيد الموقف، من خلال صعوبة استدراجه، لذلك يتمُّ إغراؤه بمخالفة بعض القوانين النافذة، والمفعلة في الدرجات الخاصة، وكلا المخالفتين مسكوت عنهما عمليا، رغم كل الحراكات واللجان والمحاولات والاحتجاجات.
إذاً المسألة والإشكالية ليست في القوانين غير المفعلة بسبب المسكوت عنه فقط، بل في الأرضية التي تبدأ من خلال المكاشفة وتسليط الضوء على جذور الاشكالية وهي البدء من أعلى السلم، لينكشف ظهر الاستثمار الذي يتسيد الموقف من تعرية علاقاته الداخلية والخارجية وأهدافه الحقيقية، لكي لا يكون مثل العمالة الاجنبية مجرد محولا للعملة الصعبة، ومغادرا بانتهاء المهمة .