ياسر المتولي
بدأ العد التنازلي لقوة الابراء التي يمتلكها الدولار والتي كانت أساس قوته من بين العملات .
ففي أول تحدِ يواجهه الدولار الا وهو قرار الدولة الروسية هو الاستغناء عن الدولار في تعاملتها التجارية الخارجية، واشتراطها لعملة الروبل كأساس لمعاملاتها مع دول العالم. هنا يترقب المحللون وخبراء الاقتصاد مدى مقاومة روسيا، لإقناع دول العالم بالتعامل معها بالروبل على نحو آمن ، بعيداً عن العقوبات الأميركية التي ستفرضها على الدول المتعاملة معها، حيث ستتمكن روسيا من تحقيق هدفها في محاولة تجنب إضعاف اقتصادها، بسبب العقوبات الأميركية والأوروبية جرّاء حربها في أوكرانيا. من جانبها اطلقت روسيا بالونا عدم قبول التعامل التجاري، الا بالروبل وتراقب مدى ردة فعل الدول .
وهنا ستكون الحاجة أم الاختراع، ففي حالات عدم امكانية الدول الاستغناء عن السلع والبضائع الروسية، خصوصاً الطاقة والغاز الروسي وغيرها من السلع الستراتيجية، ستكون مضطرة للتعامل بالروبل اعتماداً على مبدأ القبول باقل الخسائر بعد مقارنتها لآثار العقوبات الأميركية المحتملة مع خيار عدم التعامل بالروبل، وهنا المصلحة ستحكم البلدان بأي الطرق تسلك. كما أن أي تساهل من الجانب الأميركي بالسماح لبعض الدول للتعامل بالروبل تقديراً لمصلحة الحلفاء، سيكون نصراً حقيقياً للروبل فهل ستسمح أمريكا لحلفائها بالتعامل مع الروبل؟!
اذا استطاعت روسيا اجتياز هذا الاختبار في فرض عملتها بموازاة الدولار، فستكون سابقة خطيرة على قيمة الدولار مستقبلاً .في العام الماضي أعلنت الصين وعلى لسان رئيسها أن الصين تعتزم التعامل التجاري مع دول العالم بعملتها اليوان، إلا أنها تريثت بسبب مخاوف من عقوبات محتملة قد تفرضها أميركا على الصين. نعتقد أن مبادرة الروبل ستشجع الصين للإقدام على مثل هذه الخطوة، كما يمكن أن تتبعها دول أخرى تشعر بأهمية وقدرة عملاتها على التنافس والخلاص والعتق من هيمنة الدولار.
قد تواجه الدول صعوبات في بداية الأمر، ولكن بالنتجية ستحاول أن تجري استعداداتها للتهيؤ لمثل هكذا احتمال وقرار، ونرى أن الصين في المقدمة .
واذا قررت الصين استبدال تعاملاتها باليوان الصيني فستقصم ظهر الدولار، نظراً لحجم تبادلاتها التجارية مع العالم .
من أجل ذلك كنا قد توقعنا في مقالات سابقة بان العالم يتجه نحو نظام اقتصادي جديد مختلف تماماً عن الهيمنة الاحادية، والمتمثلة بقوة ابراء الدولار الذي بدأ يضعف في الآونة الاخيرة، جراء الظروف والسياسات التي باتت لا تلائم العهد الجديد. فهل يا ترى سينتبه العراق على مستقبل السياسة النقدية في النظام الاقتصادي الجديد، اي هل سيهتم بالقيمة الحقيقية للدينار العراقي ومتطلبات قوته في المستقبل وتحرره من تبعية الدولار او اي عملة أخرى؟. كل المؤشرات آنفة الذكر دليل على ارتباك النظام الاقتصادي العالمي والعولمة، فهل ستقود هذه المتغيرات الى حدث عالمي خارج عن
المألوف؟.
الخلاصة التي توصلت اليها من خلال قراءتي هذه ان الدولار في خطر حقيقي ومرشح لانهيار قيمته واثره في الهيمنة على الاقتصاد العالمي ولكن باي المديين المتوسط ام البعيد.