بغداد: حيدر فليح الربيعي
حدد عميد كلية علوم الهندسة الزراعية بجامعة بغداد، الدكتور كاظم ديلي حسن، جملة عوامل أثرت بشكل مباشر في تراجع أداء القطاع الزراعي في العراق، واضعا مشكلة نقص المياه وتخلف طرائق الارواء وارتفاع كلف الانتاج على رأس تلك العوامل، مشيرا إلى أن تفتيت الاراضي الزراعية وتحول بعضها الى سكنية وتملح التربة وتصحرها، فضلا عن ضعف تمويل القطاع الزراعي، عوامل إضافية ساهمت بتأخر هذا القطاع، مؤكدا أن وضع خطط ستراتيجية تنفذ على مراحل، يمكن أن تنقل الاقتصاد العراقي إلى مستويات يصبح فيه النفط عنصر مساعد وليس أساسيا في الاقتصاد الوطني.
وقال ديلي خلال حديثه لـ"الصباح" إن القطاع الزراعي يعاني من جملة اختلالات أثرت على إنتاجه بشكل مباشر، لاسيما مشكلات "نقص المياه، وتخلف طرائق الإرواء وتهالك مشاريع الري واندثار بعضها، وعدم الاستغلال الأمثل للمياه" مشيرا الى وجود مشاكل تتعلق في وضع السياسات الزراعية، كسياسات الحماية والدعم، وطريقة توجيهها بالشكل الذي يخدم المستهدف سواء كان منتجا أم
مستهلكا.
وأشار ديلي، إلى أن "نقص الانتاج الحيواني وعزوف المربين عن إنتاج المواشي والدواجن وبيض المائدة، فضلا عن توقف المفاقس والمجازر وتعرضها إلى الاندثار، يمثل مشكلة حقيقية يعاني منها القطاع الزراعي، فضلا عن أن معاناته جراء ارتفاع كلف مستلزمات الإنتاج والأيدي العاملة، بسبب التضخم وارتفاع المستوى المعيشي وتخلف طرائق الانتاج، ما أدى إلى عدم قدرة المنتج المحلي على منافسة المنتجات المستوردة بسبب ارتفاع تكاليف الانتاج.
مشكلات تسويقية
كما لفت عميد كلية علوم الهندسة الزراعية، إلى أن الهجرة من الريف إلى المدينة بسبب انخفاض الاجور ونقص الخدمات ووجود البطالة المقنعة، أثرت بشكل لافت في الواقع الزراعي في العراق، إضافة الى ما يعانيه هذا القطاع من مشكلة نقص الكهرباء، وارتفاع كلف الوقود، والذي أثّر كثيرا في مشاريع الانتاج الحيواني وبالأخص انتاج فروج اللحم وبيض المائدة.
وأوضح ديلي، أن القطاع الزراعي في البلاد، عانى كثيرا من "المشكلات التسويقية، وتخلف طرائق التسويق والمتمثلة بعلاوي الجملة، فضلا عن معاناته جراء نقص الاستثمارات المحلية والاجنبية، وضعف تمويل القطاع الزراعي وقلة التخصيصات المالية من
الميزانية، وبالتالي ضعف تكوين رأس المال الزراعي".
تقلص الأراضي
وأكد المتحدث، أن المشكلة الأبرز التي تواجه العملية الزراعية هي "نقص المياه في فصل الصيف"، مبينا ان تلك المشكلة اثرت بشكل كبير في الزراعة في المناطق الوسطى والجنوبية، وأدت إلى تقلص الاراضي الصالحة للزراعة، وما له من مردودات اقتصادية سلبية على المزارعين بشكل خاص واقتصاد البلد بشكل عام، مقترحا لمعالجة تلك الازمة، اللجوء الى "انشاء مشاريع إروائية حديثة لتقليص الهدر بالمياه و توجيه القروض الزراعية إلى دعم طرائق الري الحديثة، باستخدام تقنيات المرشات بجميع أنواعها والري بالتنقيط والتي تؤدي إلى تقليل الهدر بالمياه وتقليل تملح التربة".
ودعا عميد كلية علوم الهندسة الزراعية الى زيادة التخصيصات الحكومية للقطاع الزراعي بهدف تطويره، ذلك لأن القطاع الزراعي سيساعد في تطوير القطاعات الأخرى، لا سيما القطاعات الصناعية التي تعتمد على الزراعة كأساس لعملها من المواد الزراعية، فلا يمكن تطوير القطاعات الأخرى بدون تطوير القطاع الزراعي، والعكس صحيح فلا معنى لدعم مزارعي الذرة الصفراء، دون إنشاء معمل للزيوت أو تنشيط مشاريع تربية
الدواجن.
تملّح التربة
وحذر ديلي، من انتشار ظاهرة التملح في التربة العراقية، اذ تشكل تلك الترب حوالي 50 % من الاراضي الزراعية، مؤكدا أن الأمر يتطلب زراعة المحاصيل والاصناف المتحملة للملوحة وزيادة مجال البحث والتطوير في هذا الجانب، والاهتمام باستصلاح الأراضي ((شبكات الري والبزل)) لا سيما في المناطق الوسطى والجنوبية من العراق، مشددا في الوقت ذاته على ضرورة "تفعيل قانون حماية الانتاج الزراعي ووضع قيود على الاستيرادات للمحاصيل المشابهة، عن طريق فرض رسوم جمركية، واستثناء المحاصيل التي لا تسد الحاجة المحلية".
وحث عميد كلية علوم الهندسة الزراعية، على ضرورة "توجيه السلف والقروض إلى المستحقين فعلا ومتابعة عملية استغلال القرض، وتوجيه الفلاحين للمشاريع التي تحقق الفائدة للمجتمع واقتصاد البلد، وكذلك الاهتمام والتركيز على المحاصيل الستيراتيجية كالحنطة والرز والذرة الصفراء وقصب السكر، والاهتمام بأشجار النخيل وزيادة إعدادها والاهتمام بمكافحة أمراضها".
ويرى ديلي، أن بعض مشكلات القطاع الزراعي، يمكن حلّها على المدى القصير ولا تحتاج إلى امكانات مادية كبيرة وانما إلى تنظيم، وخطط قصيرة الأجل واستغلال للامكانات المتاحة حاليا، وقد تحدث جراء تلك المعالجات تغييرات كبيرة في القطاع الزراعي، في حين هناك خطوات تحتاج إلى تخصيصات وامكانات ضخمة يمكن وضع خطط ستراتيجية لتنفيذها على مراحل، قد تنقل الاقتصاد العراقي إلى مستويات يصبح فيه النفط عنصرا مساعدا وليس أساسيا في الاقتصاد الوطني .