ماري كوري- شاييم بيرلمان أزواج.. زملاء علماء

ثقافة 2022/04/29
...

 خالد خليل هويدي 
 
ثمة مفارقة في ميدان البحث اللساني العالمي، تتضح من طريق ملاحظتنا وجود عدد من النظريات التأسيسية في اللسانيات صيغت أبرز ملامحها من قبل ثنائي (رجل، امرأة). 
فالحجاج بوجهته البلاغية أسهم في صياغة بعض حدوده وآلياته التحليلية، كل من شاييم بيرلمان وزميلته السوسيولوجية البلجيكية لوسي اولبرخت- تيتكا (1899-1987). 
وقد كانت جهودهما فاتحة عهد جديد، للدراسات المتعلقة والمعنية بالبلاغة الجديدة. 
وعلى صعيد الدراسات اللسانية النصية، نجد الثنائي، الانكليزي مايكل هاليداي وزوجته (الهندية/ الباكستانية) رقية حسن، وهما الباحثان اللذان دشّنا منعطفًا مهمًا في ميدان الدرس النصيّ، من خلال نشرهما عددا من الأبحاث المشتركة المتعلقة، بانسجام النص، مؤسسين بذلك لمرحلة مهمة من الدراسات النصية. 
وعلى صعيد التداوليات نجد جاك موشلار، وهو أستاذ علم الدلالة والتداولية في قسم اللسانيات بجامعة جنيف بسويسرا، وزوجته آن روبول، الباحثة في المركز الوطني للبحث العلمي بفرنسا. 
ولكل منهما مؤلفاته الخاصة في التداوليات والعلوم المعرفية، ولهما مؤلف مشترك ترجم إلى العربية بعنوان «التداولية اليوم: علم جديد في التواصل»وصدر عن المنظمة العربية للترجمة يونيو 2003.
فضلا عن كتابهما المهم (القاموس الموسوعي للتداولية)، وهو واحد من أهم المراجع المتخصصة في التداوليات، وقد ترجمه عدد من الباحثين بإشراف عز الدين المجدوب، وصدر عن المركز الوطني للترجمة في تونس.
والملاحظ على أغلب هذه التوجهات اللسانية أنها تنتمي إلى دراسات تُعنى بمقاربة اللغة من وجهة نظر استعمالية، فلم نجد باحثين (رجل وامرأة) قدّما أو أسهما في صياغة نظرية لسانية، ذات بعد بنيوي أو شكلي، يسعى لمقاربة اللغة، بعيدًا عن الجانب الاستعمالي التواصلي، وهي مسألة تستدعي النظر والفحص. 
ومن الجدير بالتنويه هنا أن الباحثين المنتمين إلى حقول وميادين العلوم الطبيعية الصرفة قد سبقوا المتخصصين بالعلوم الإنسانية بهذا التقليد. 
فتاريخيا، هنالك قائمة تضمّ خمسة أزواج حصلوا على جوائز نوبل؛ وكرّسوا حياتهم لخدمة العلم، وتحقيق اكتشافات علمية مبهرة. 
وكان أول زوجين حصلا على جائزة نوبل، في العام 1895 هما بيير وماري كوري، ويبدو أنهما قد سنَّا سنة زواج العلماء. التي ضمّت خمسة أزواج علماء في مدة تبدأ من القرن الثامن عشر حتى عام 2014، وهو العام الذي حصل فيه الزوجان النرويجيان ماي بريت وادوارد موزر. 
ولعلّ اكتشاف لقاح كورونا، وهو من أهم الإنجازات العلمية حصل على يد زوجين من أصول تركية. وهما أوغر شاهين وزوجته أوزلم، وهو آخر الاكتشافات العلمية في العصر الحديث. 
شخصيًا لم أجد في تراثنا العربي القديم أو المعاصر مثل هذه المحاولات، على مستوى البحث العلمي أو الإنساني، وهو أمرٌ يدعو إلى التأمل والنظر، وقد يكون السبب في ذلك هو عدم وجود ثقافة العمل الجماعي المشترك، وهو أمرٌ تفتقر له ثقافتنا العربية في تراثها وراهنها….ربما.