علي حسن الفواز
العهد الجديد للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لن يكون سهلاً، فالتحديات السياسية والاقتصادية والأمنية، لا تقل شأناً عن مايعلّق بتورط فرنسا في العقوبات الغربية على روسيا، والتي تعني مواجهة واقعٍ صعب، على مستوى علاقة ذلك بطبيعة السياسة الفرنسية، أو على مستوى مواجهة تحديات التضخم الذي بات يهدد بقوة الداخل الفرنسي.
تنصيب ماكرون لولاية ثانية ارتبط بجملة من التعهدات التي أطلقها في خطابه الاحتفالي، إذ تحدث عن طموحه بأن تكون فرنسا أقوى وأكثر حيوية، وعن تبني سياسة بيئية جديدة تجعل العالم أقوى وقابلاً للعيش، كما أشار إلى طبيعة الصعوبات التي سيواجهها، لاسيما في الدور الفرنسي ضمن التحالف الأوروبي لمواجهة تداعيات الصراع الروسي الأوكراني، ومواجهة الواقع الصحي وآليات القضاء على تحديات كورونا..
تعهدات العهد الجديد، تتطلب سياسات مغايرة، لاسيما مايتعلّق بخلق بيئة سياسية تدعم توجهاته في الإصلاح، وفي التغيير، أي التوجّه نحو فوز آخر في الانتخابات البرلمانية القابلة، وهو ما يستدعي إجراءات واقعية، وعلى وفق ما رفعه من يافطات تدعو إلى "التحرك بلا هوادة من أجل فرنسا وأوروبا، وبناء سلام أوروبي جديد واستقلالية جديدة في قارتنا" كما أن نجاحه الرئاسي يعني بالمقابل إيجاد حكومة فاعلة، ذات خبرات وقدرات يمكنها تنفيذ برامجه الانتخابية، وامتلاك القدرة على معالجة الكثير من الملفات، لاسيما ملف الانقسام الاجتماعي، وملف البطالة، والعلاقة مع النقابات، ومشكلات جماعات "البدلات الصفر" وهو ما يتطلب إجراءات صارمة في التخطيط والإصلاح، فضلاً عن التنسيق الأمني والعسكري لإبقاء حالة التوازن مع دول الاتحاد الأوروبي في سياق دعم الحكومة الأوكرانية..
الرهان على الفوز، وعلى معطيات الواقع الانتخابي لا يكفي للنجاح، ولمواجهة تعقيدات الواقع، بل يتطلب الأمر حزمة من الإصلاحات الحقيقية، والشجاعة في الحفاظ على الهوية الديمقراطية، وعلى التاريخ الليبرالي لفرنسا، وللحقوق العامة والحريات، مثلما هو العمل باتجاه الحفاظ على الهوية الأوروبية لفرنسا القوية، والتي بدت ضعيفة إزاء الضغط الأميركي الذي تحوّل إلى عصر يدفعها نحو سياسات تحتاج إلى كثير من النقد والمراجعة.