نظرة في {رحلة الحضارات}

ثقافة 2022/05/15
...

 زهير الجبوري 
 
يبدو للوهلة الأولى وأنت تشاهد لوحات المعرض التشكيلي المشترك (رحلة الحضارات) الذي أقيم في قاعة (ودّ) للفنون في مدينة الحلة للفترة من 12 ـ 14 آيار 2022، أن العنوان ينسرح الى مادة بحثيَّة أكثر منها بصريَّة، غير أنَّ الفنانين الذين شاركوا في المعرض أجابوا عن السؤال المطروح بأنَّها رحلة فنيَّة أنطوت على زيارات لمدن عراقيَّة في أصلها جذر حضاري، وهي السنة الثانية للمعرض بحسب ما ذكره الفنان حسين النجَّار، ففي السنة الماضية أقيم المعرض في مدينة الديوانية، فبقدر ما كانت موضوعة الطبيعة هي الحاضرة والمهيمنة على أغلب لوحات المعرض للفنانين الأربعة وهم (عاصم عبد الأمير ومحمد علي حجالي وباسم العسماوي وحسن الكيّف) من بابل، والفنانون (عبد العزيز الدهر ويقين الغالبي وحسن عبد الشهيد وحسين النجار وحسين الجاسم) من البصرة، فإنَّ للغة الطبيعة علامات حضوريَّة أعيد رسمها بشكل أكثر موضوعيَّة، بمعنى أنَّ الطبيعة تحمل فلسفة جمالية خاصة، فضلاً عن كونها تمثل منظراً طبيعياً إبداعياً، وهي محاولة لجعل المتلقي يقرأ الموضوع من زوايا عدة، فالإحساس بالجمال لا يعني إغراء العين لوجود مكملات الأشكال ومنظورها المتوازن، إنما هو إحساس التكوين والتشكيل والمقدار الذي أنتجته الطبيعة ذاتها، مهما كان هناك من تناغم لوني وتدرّج هارموني، أو تضاد لوني (كونتراست)، وهنا تكمن حقيقة التشكيل من قبل كل فنان، وهي التفافة مهمة لجعل مفهوم الحضارة ينطلق من الطبيعة ذاتها.. فضلا عن ذلك، يمكن قراءة المعرض التشكيلي هذا بوصفه مشروعا فنيا/ تشكيليا يرسم خارطة بلد من خلال إقامته في أماكن جغرافية عدة مع الأخذ بمعالم كل مدينة في لوحاتهم (وليعيشوا نشوة 
بصرية وهم يحملون ويتخيلون فوق خارطة الوطن) ـ كما ذكر في الفولدر لـ (جنان محمد) ـ وهي تجربة ميدانيَّة تعبر عن الحماسة الكبيرة لجعل البلد عبر معالمه وطبيعته مثل عملة نقدية تشكل هوية شاملة وأساسية للجميع.
ومن صميم الأعمال التي شاهدناها، فقد كانت اللوحات موزعة لكل فنان (خانة خاصة)، منها ما رسمت بالألوان المائية، ومنها ما رسمت بالألوان الزيتية، والملفت للنظر أن تميز بعض اللوحات لفنان له خبرة كبيرة تجعل انتباهة واضحة في المعرض كلوحات الفنان د.عاصم عبد الأمير، وأخرى فيها تقانة الأداء والإنشاء معا كلوحات الفنان عبد العزيز الدهر، فضلاً عن الموضوعات التي ناظرت الطبيعة كرسم معالم آثار بابل والزقورة، وغيرها من قبل الفنان حسين النجار، وكذلك مهارة الفنان د.باسم العسماوي وأسلوبه المعهود، 
وبقية الفنانين..