انتخابات الأدباء.. دورة جديدة

ثقافة 2022/05/21
...

 حسب الله يحيى 
 
ما دمنا على مشارف انتخابات جديدة تخوضها الهيئة العامة لاتحاد الأدباء والكتاب في العراق خلال حزيران المقبل، وبوصف الاتحاد يمثل النخب الثقافية والمعرفية والإبداعية التي تسهم في التنوير الذي يواجه تحديات ظلاميَّة، كان لا بد لنا من وقفة تخص هذا المقام.
ومن أجل الحقيقة والمصداقية التي نروم الحديث في محورها، نجد أن الدور الأخير لإدارة الاتحاد، كانت تمثل قمة النشاط والعطاء والصحوة التي خاضها الاتحاد، بحيث ملأت مطبوعات الاتحاد ولأول مرة جميع معارض الكتب العراقية والعربية والدولية، وذلك عن طريق نشر أكثر من (450) كتاباً إلى جانب جريدة (الاتحاد الثقافي) ومجلة (الأديب العراقي) ومجلات مرافقة (الكردية، التركمانية، السريانية). 
وهو مالم تتوفر عليه دورات الاتحاد السابقة ولا وزارة الثقافة ولا دور النشر الأخر. صحيح أن بعض المطبوعات كانت متواضعة، ولا ترقى إلى المستوى الذي نطمح إليه، ولكن من مهام الاتحاد رعاية الجيل الشبابي الذي يشكل حضوراً بارزاً بين أعضاء الاتحاد.كذلك عمل الاتحاد على تأسيس (منبر العقل) الذي حقق حضوراً متميزاً عن طريق سلسلة من المحاضرات والندوات المعمَّقة التي قدمها، كما تم إنشاء (منتدى الثقافة النسويَّة) الذي كان باكورة عطائه إصدار سلسلة بعنوان (الكتاب الأول) الصادر عن هذا المنتدى الذي درس بنباهة هذه الثقافة التي لم تسلّط عليها الأضواء من قبل.إلى جانب ما حققه الاتحاد من عمران وتطوير في معماره الفني ومواكبة الحالات الصحيَّة التي يعاني منها عدد من الأدباء. وكان الاتحاد سبّاقاً إلى تقديم الدعم والمساعدة الماديَّة لعدد كبير من الأدباء الذين يعانون من ضائقة الحال، وسبّاقا في تأبين الأدباء الذين فقدناهم.. وهو الأمر الذي يجعل من هذه الإدارة، إدارة أبويَّة وراعية للأسرة الأدبيَّة الواسعة، ولو تيسَّر الدعم الجيد من قبل الدولة لكان هذا الاتحاد يملأ المكان الذي يحتله بجدارة، إلا أن بعض فروعه مازال يعاني من أبسط حقوق الأدباء على دعم الدولة وايجاد مقار تليق بأدباء المحافظات بدلاً من بحثهم عن مقار تستقبلهم ـ كما هو الحال في عدم وجود مقر لاتحاد الأدباء في بابل ـ .
إذن ماذا نريد من إدارة الاتحاد والقائمين على قيادته في الدورة الانتخابية الجديدة؟
إننا إذ نجد في الاتحاد بيتاً آمناً وساراً ومطمئنا للنخبة الأدبيَّة التي تلتقي عند هموم المعرفة والإبداع، نجد إلى جانب ذلك قدراً من الوضوح الذي نأمل الانتباه إليه.. ومن جملة ما نراه هو التأني في نشر كتب معرفية ـ مؤلفة ومترجمةـ وعدم الاكتفاء بالجانب الإبداعي وحده، ويمكن وضع خطة دقيقة لكل ما ينشر وبخاصة الدراسات الأكاديمية التي لا تجد منفذاً للنشر لا من قبل وزارة التعليم العالي ولا وزارة الثقافة إلا بحدود ضيقة جداً. ولا بدَّ من مراجعة المجلات (الكردية، التركمانية، السريانية) التي تعاني من عجز كلي في تقديم ثقافة رصينة وإبداع متميز وتكتفي بتقديم مواد عابرة وصور فوتوغرافية كثيرة للقائمين على إدارتها!
وبهدف تقديم الوجه المشرق لهذه الثقافات التي نعتز بها، يمكن تقديم أفضل ما ينتجه الأدباء الكرد والتركمان والسريان والصابئة وسواهم.. ونشرها باللغات الخاصة بهم في مجلة مركزية شهرية تمثل (الأديب العراقي) بجميع قومياته وطوائفه ومناطقه.. لتكون مجلة كل أدباء العراق مع انفتاح نحو ثقافات العرب والعالم. ولأن الاتحاد منظمة تقع ضمن منظمات المجتمع المدني الذي يفترض أن ترعاه الدولة، فإنَّ من المهام المطلوب تثبيتها تقديم الدعم المالي والمعنوي لا على وفق المكافأة السنوية المتواضعة وإنما على دعم الأدب والأدباء في جميع الظروف التي تواجههم.
ونحن إذ نسجل هذه الملاحظات، نؤكد أن يكون لدى كل المرشحين في هذه الانتخابات خطة متأنية ومنهج حقيقي للعمل المنتج في الاتحاد، وإلا كان الأمر مجرد البحث عن وجاهة إداريَّة لا نريدها ولا نسعى إليها، وليس لنا أن نقف إلى جانب أصحابها الذين يسعون إلى تشويه معطيات زملائهم الذين حققوا منجزات استثنائية يحسن أن نحترمها ونعزز مكانة أصحابها.نعم الاتحاد بيت كل الأدباء، وهم في تجمعهم الأثير يؤكدون أن العلاقات الأدبية والثقافية من أسمى وأنبل العلاقات التي ترسّخ إرادة المجتمع النابه والسعيد.الأمل معقود بإدارة مضيئة تواصل المسار نحو أدب جاد وعطاء مخلص لحياة وعطاء كل الأدباء والكتاب.. ملاحظة: كاتب المقال لم يرشح نفسه للانتخابات.