أميركا والجيب المفتوح

الرياضة 2022/05/23
...

علي حسن الفواز
 
الحرب الروسية الأوكرانية تدخل منعطف التهديد العالمي، وتضع الولايات المتحدة، والغرب أمام لعبة "كسر الإرادات" وهذا ما يدفع إلى التغويل والتهويل، مقابل أن يُترك العالم لأزماته في الغذاء والطاقة، لأنّ المهم في الصراع هو "الانتصار" العسكري والسياسي.
مصادقة الرئيس الأميركي جو بايدن على المساعدات الضخمة المخصصة لأوكرانيا وبقيمة 40 مليار دولار تكشف عن هذا الهوس بالانتصار، والعمل على عسكرة العالم، وعلى جمع الحلفاء عند "جيب واحد" كما يقول المثل الشعبي، فهو سيبحث عن داعمين للإنفاق، وللجهد السياسي، وأحسب أن زيارته إلى عددٍ من دول آسيا، والتي ابتدأها بكوريا الجنوبية تدخل في هذا السياق "العسكرومالي" والعمل على تأمين "سياسة الجيب" فضلاً عن تطويق روسيا، والسيطرة على أسواقها، بما فيها السوق الصينية رغم صعوبة ذلك..
مصادقة الكونغرس الأميركي على هذه المساعدات، كانت العنوان الأبرز، فهي تكشف عن المزاج الأميركي السياسي، وعن حجم الأخطار الستراتيجية التي يدركها الغرب في حال فشلت أميركا في معركة الدعم الأوكراني، فبقطع النظر عن رفض أعضاء في مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين هذه الحزمة الكبيرة من المساعدات، إلا أن نزعة الهيمنة السياسية بدت راديكالية جداً، وعلى نحوٍ يُثير الكثير من الأسئلة، لاسيما تلك تتعلق بتأثير ذلك في الوضع الاقتصادي في الداخل الأميركي، وفي الكيفية التي ستكون بها هذه المساعدات، ومدى تأثيرها الإجرائي في الصراع الذي فقد كثيراً من أهميته مع سقوط مدينة ماريبول الستراتيجية ومصنعها الشهير "ازوفستال". فهل ستُخصص تلك المساعدات للعسكرة، أم لمعالجة أزمة لاجئي أوكرانيا في أوروبا؟ وهل سيكون جزء منها خاصاً بمواجهة تداعيات أزمة الغذاء والطاقة، والتضخم الذي تعيشه أوروبا ذاتها؟
ضخ الأسلحة إلى أوكرانيا، وإن كانت تحت عنوان المساعدات، لكنه لن يكون مجاناً، فالعقل الرأسمالي لا يؤمن بالمجانية، ولا بثقافة الهِبات، وأن سياسة السوق تتشابه في الحرب وفي الجوع وفي الهيمنة، وهذا ما يجعل أفق الحرب في أوكرانيا غائماً، لاسيما أن وزارة الدفاع الروسية تقول إنها دمرت الكثير من هذه الأسلحة الفتاكة التي تدخل إلى الحدود الأوكرانية، وهو ما يثير الريبة حول إمكانية التواصل، وهل هو يصبّ في سياسة إنهاك روسيا، وجرها إلى حرب استنزاف مفتوحة؟