ذكاء الكاتب

ثقافة 2022/05/29
...

نزار عبد الستار
 
القدرة العقلية للكاتب هي الأساس في الانتاج الأدبي، وكل عباقرة العالم في الأدب هم من متفوقي الذكاء، ولا يمكن لأي بليد أن ينتج الفن حتى لو قعد كوكب المشتري في برجه مدى حياته.
كان ارنست همنجواي يتحير كثيراً من فيتسجيرالد لأنه يراه بليداً ويكتب بشكل جيد والحقيقة أن همنغجواي كان يغار من عفوية صديقه ويخلط بين السلوك الشخصي والذكاء. 
الرواية بطبيعتها الكامنة هندسة عقلية وقدرة مميزة على إيجاد علاقات عضوية عدة في مبنى العمل لهذا نرى نشاطا فاعلا في نوع الكلمات بين أديب وآخر، وتخطيطا عميقا في الأعمال المنتجة بعقلية جبارة. جيمس جويس ويليام فونكنر وخورخي لويس بورخيس كانوا يحملون عقولا جبارة لكن الفروق في الانتماء الفكري والبيئي والتشكيل النفسي لكل كاتب. 
لا يمكن لأي شخص متواضع القدرات أن يبرع في الكتابة، لذلك هناك الملايين من الأعمال تنسى وتندثر. آرثر رامبو وشارل بودلير كانا من المتفوقين في الذكاء والقدرات الذهنية لذلك استطاعوا التغيير ولفت انتباه العالم.
دور الذكاء لا يتحدد فقط بإيجاد شبكة المعاني والدلالات وحبك العلاقات المادية والزمنية وتجسيد الفكرة  بل أن طبيعة الأدب نفسه تتوجب وجود ذكاء في الاستعارات والسعة اللغوية والقدرة على اختيار الصائب، والأسلوب والمهارة في الحوار والوصف، ولا بد أيضا من وجود روح ثعلبية في دوزنة الفقرات،  
من النادر الاعتماد على التأثير الإبداعي.
لقد تأثر غابرييل غارسيا ماركيز بفوكنر ومن بعده بكافكا لكن هذا لا يعني سوى أن النشاط العقلي لماركيز كان من النوعية التي تمنحه التفوق في الخيال. إن الأعمال الأدبية العظيمة تولد بتعاقب لتشكل لنا في النهاية سلسلة علاقات روحية بين الأدباء أنفسهم وهو شيء يشبه تناسخ الأرواح.
بالتأكيد نحن عربيا نبالغ في كمية الإطراء التي نوجهها للأدباء ممن تشقى الأنظمة والأنفاس العنصرية في تلميعهم وتزيينهم على حساب الحقيقة، وهؤلاء أهون بكثير من جيوش البلداء الذين يتوهمون بأنفسهم العبقرية ويرجمونا بكتبهم كل يوم.