حنان الشرنوبي

ثقافة 2022/05/29
...

امرأة تعشق الضّيّ ولا تتقمَّص شخصية الرجل فتضيع شخصيتها.. هذه أنا حنان محمد حلمي الشرنوبي مواليد 1982 تعلّمت في مدارس مدينتي الإسكندرية، وتخرّجت في جامعتها بكلية الآداب المطلّة على بحرها - لذلك استحقتْ لقب عروس البحر الأبيض المتوسط عن جدارة لما تمتعت به من هواء وبهاء- ولعل نسيم البحر اليوديّ وموجاته المتلاطمة قد أسهم في صقل شخصيتي من رغبة في التأمل وسعي وراء الخيال وحب الكتابة كمعظم السكندريين.
فكان أول كتاب اطلع عليه مثل أبناء جيلي من مبادرة القراءة للجميع - التي وفرت الكتب والروايات المصرية - ومنها للأدب العربي والعالمي التي بدأتها بـ (مرتفعات ويذرنج) الرواية الوحيدة لإيميلي برونتي والتي تأثرت بها كثيرا؛ كذلك تأثرت بسرديات ألف ليلة وليلة التي  مازلت اكتشف فيها مع كل قراءة سرًّا من أسرار تلك الحقبة الزمنيَّة.
 بدأتُ أول كتاباتي وأنا صغيرة، ولم أهتم بجمعها أو تدوينها، ولكن نُشِرت لي بعد ذلك أول قصص قصيرة جدًا في صحيفة الرأى (المصريَّة) وكانت هذه هي أولى خطواتي في عالم الكتابة حين تغيّرت حياتي بأهم نقلة فيها وأصعبها وهي الحصول على درجة الماجستير بعد توقف طويل.. لذلك أعدّها من أسعد لحظات حياتي لأنها مثّلت لي هدية ربانيَّة منحتني حياة جديدة - لم أسعَ يومًا لها- بعد ظنّي أنَّ المجتمع قد نجح في وأدي للأبد.. نفضّتُ عن روحي غبار الحزن وقاتلت بإصرار مُلِحّ من أجل فكرة الحفاظ على هذه الحياة الجديدة والانتصار لأجلها.. فلا أحبذ الموت من أجل الفكرة بل الاقتتال أو الانتصار لها. 
وعن الأحزان، فالإنسان بطبيعته لا يريد لنفسه ذلك، ولكنها تأتيه رغما عنه، وهذا ما حدث معي بعد فقدي أول رجل في حياتي (أبي) وهو حي يرزق ثم اكتشفت بعد سنوات أن مرارة الفقد الحقيقي تأتي برحيل الأم المفجع، إذ كانت تمثل لي جبلًا أتوارى خلفه من الآلام، فعاهدت نفسي أن أحقق لها ما كانت تظنه في ابنتها من عزم وإرادة.. فأهديت لروحها كل رسالة جامعيَّة وكل كتاب أطبعه.. فالرسالة الأولى بالماجستير عن (أدب الديارات) الذي ظهر في مصر والعراق فقط ففي العراق ناقشها د. صالح الشتيوي.. ورسالتي الثانية بالدكتوراه حول تقنيات السرد المعاصر وكانت عن أبرز أعمال الأديب المصري (منير عتيبة). 
أخاف من فقد الأحبة والمرض فلا طاقة لي بتحملهما.. أغضب من الظالم والكاذب فالأول اعتاد اغتصاب الحقوق والثاني قد يكذب في علاقته بالخالق فما بالك بعلاقته بالمخلوق؟! 
أحب الضحكة الصادقة الصافية من شوائب الحياة فتمنح العينين بريقًا غير مألوف.. ربما لندرتها وربما لأنني أجد فيها عذوبة أُمّي. 
كذلك أعشق القراءة والكتابة ولا تفاضل بينهما؛ فالقراءة أخرج بها من عالمي إلى عالم آخر أختاره أنا.. أما الكتابة فأجد فيها تطهّرا من الذات. 
وإذا كانت جهنم.. هي الشعور بالهوان أو انكسار رجل وقهره من أجل لقمة العيش أو عجز أُمّ عن إطعام صغارها أو رؤية حيوان يتألم في صمت من قسوة بني آدم.. فإنَّ الجنة هي التي أجد فيها أحلامي تتجسد باكتمال كل نقص فلا أوجاع فيها ولا عَوَز ولا مرض ولا أزمات اقتصاديَّة أو دماء تسفك. 
وأرى أنّني ما زلت في بداية مشواري الإبداعي.. فرغم معوقات الحياة، أحلم بتحقيق بعض طموحاتي في عالم الأدب والنقد.