لا نعلم ماذا نعمل !

الرياضة 2022/06/01
...

علي حنون
نحن في بلادنا نختلف عن سائر بلدان العالم في مجمل أوجه الحياة، ومنها في الجانب الذي يتعلق بالرياضة، وهذه الموضوعة تنسحب بالنتيجة على شؤون وشجون ومُتعلقات فعاليات جميع الاتحادات وكذلك الأندية ومفاصل الرياضة، التي تخضع مُمارستها من قبل الآخرين لمعايير مُرتبطة بمنهاج رسمي منظم من خلال مسابقة لكل فعالية تُحدد منافساتها ولجميع المحطات قبل مدة معلومة وهو ما يُيسر عمل المعنيين، الذين يُشكلون أطراف الفعاليات الرياضية ويُعينهم على الاستعانة بتخطيط مُسبق ووضع فلسفة إعداد تُنفذ برامجُها وفق حلقات معلومة ومحسوبة.. وعندما يتم عند سوانا الشروع بالمنافسات الوطنية في أي ضرب من ضروب الرياضة، فإنه لا يُمكن لأمر إيقاف دوران عجلة المنافسات، لسبب وجيه وهو أن المنهاج نَظم قبلها المُتعلقات كلها سواء التي تنضوي تحت لواء المُسابقات المحلية أو سواها المُرتبطة بالاستحقاقات الخارجية، التي تتمثل برحلات الأندية والمنتخبات الوطنية في المُواجهات الدولية، وهذه الغاية هي وليدة شرعية للتخطيط، الذي أخذ في تفاصيله مجمل الحيثيات، التي يمر قطار المسابقات الوطنية، في محطاتها.
إن ما تقدم من سرد لا يأتي من باب مقارنة الأمر بين حاله في ملاعبنا ونظيره في ملاعب الآخرين، لطالما وقفنا على يقين مفاده إدراك الجميع أن وضعنا مرتبط بإرهاصات أخرى هي رفيقة الواقع، الذي تعيشه البلاد وهو ما يجعل المُقارنة بين الواقعين غير منصف، إلا أن ذلك لا يُلغي إمكانية أن يستعين من بيدهم الشأن ويتصدون للأمر في مُختلف الفواصل الرياضية، قدر الإمكان بتجارب الآخرين الناجحة والسير في سبيلها، طالما كان في نقل صورة عنها إلى ملاعبنا خير ولا يتطلب منهم سوى الالتفات إليها ولطالما تحقق لنا من الاعتداد بها وعكسها على مُجريات واقعنا، مُرادنا بإصابة الفلاح ونيل الانسيابية في تنفيذ برامجنا.
لقد برهنت صورة التعاطي، التي عكستها قرارات أغلب الاتحادات الرياضية أن أسباب مُعاناتنا إنما هي وليد شرعي لقراءة آنية للأحداث، في ذات الوقت الذي نجد فيه حلقات النجاح تُؤطر عمل المسؤولين على الاتحادات الرياضية في دول أخرى ليس لها ما نرتكز عليه من ماض ثر في غير فعالية، وهي دلائل ينبغي أن تدفع القائمين على أمر منظومتنا للاعتبار منها، فالآخرون يعلمون ماذا يعملون بينما نحن، وبحسب إفرازات قرارات عينة من الاتحادات، لا نعلم ماذا نعمل!، وإلا كيف لإدارة فعالية أن تضع منهاجا لمنافسات دور أو اثنين ثم تركن باجتهادات آنية إلى إيقاف المسابقة المحلية، التي تنطلق بموعد لكن لا أحد يعلم متى تنتهي ومن ضمنهم أعضاء الاتحاد.
ألا يعكس ذلك عدم وضوح في الرؤى والاعتماد في تحديد مسار الخطوات على شكل مراحل مبنية على قرارات هي من بنات أفكار الحال الذي نعيش، والذي تُرسم خطوطه بريشة قلقة !، هذا هو الواقع، ولعل أكثر ما يعكس عدم الإحاطة بأوجه التداعيات، التي تنتج عن القرارات الاجتهادية، هي أن إدارات بعض الاتحادات لا تأخذ، وهي تعمل بعيدا عن التخطيط ، بالعبر، بل على العكس من ذلك وغالبا ما نراها تعتد برؤاها غير المنطقية وتعتقد - واهمة - أن في الاستماع إلى من يطلقون، ودا واحتراما، المشورة الإيجابية إعطاء الضوء الأخضر للتدخل في شؤونها ويُمكن أن يطعن مثل سلوك كهذا - بحسب طريقة تفكيرها - إمكاناتها بسكين التقليل من شأنها، وهنا تكمن المشكلة الحقيقية، التي تُمثل جوهر فشل أغلب إدارات مفاصل منظومتنا الرياضية.