فرقان كاظم

ثقافة 2022/06/03
...

هذا أنا
أنا فرقان كاظم.. هذا هو اسمي الذي يشاطرني وجودي أحب رقته وأخاصم الفراق الذي يواعدني في خباياه، وعمري اثنان وثلاثون عاماً، ولدت في الديوانية ودرست في مدارسها.. أحفظ وجوه المعلمين والمعلمات عن ظهر قلب، وأذكر معلمتي في الصف الأول وهي تفرغ غيظها بقاماتنا الصغيرة.. ولا يفوتني أن أشكر شقيقتي الكبرى السيدة سوزان كاظم، التي لولا أن علّمتني القراءة والكتابة بالخيوط وأعواد الثقاب لبقيت أميَّاً إلى لحظتي هذه.. أما تحصيلي الدراسي فهو دبلوم تربية إسلامية وبكالوريوس علوم قرآن، إذ دخلت الجامعة بعد تخرجي في معهد إعداد المعلمين لأتدرب على استخدام اللغة وأن أتعلم مزاولة مرحي الأحب الشعر.. وأول كتاب قرأته كان كتاب "كليلة ودمنة" أهداني إياه والدي ذات طفولة.. أما أول نص نشرته فهو "من نبوة الأعذاق".. بينما كان آخر كتاب قرأته هو "دفاتر مهيار الدمشقي" 
لأدونيس. 
 إنَّ أكبر صدمة لي.. حين عرفت أن الأمهات يطالهن الموت.. أما أول حب فكان الشخصية الكارتونية ريمي وبعدها تعرفت على الجمال، وأحببت في مراهقتي ومازلت على قيد الحب لأن الحب ديمومة الحياة ورافدها الوحيد. 
لقد كان أقسى فقد هو رحيل والدتي منذ سبع أيلولات، أما أكبر فرحة فتمثلت بصدور ديواني الأول مدونة نبي أعزل، ولقائي بملهمتي الرائعة الفنانة سلاف فواخرجي، وكذلك وصول مطبوعي إلى منزل السيدة فيروز.  
الشعر حبيبي الأثير.. أما أكثر شيء أكرهه فهو الانتظار وكذلك الإحساس بالنضوب حين تجفوني الكتاب وتخاصمني الفكرة. 
 أتخيل الجنة مثل صباح يزهر بوجه أمي وأغنية للسيدة فيروز.. حيث السماء تزينها نوتات الموسيقى بدلاً عن النجوم.. وكل المحطات تفضي إلى العناق.. وكل الطرق تؤدي إلى القصيدة. 
أخاف من أن يخاصمني الشعر أو أن أطمئن فتنساني الدهشة.. ويغضبني الانتظار الذي لا يسفر عن ثمرة الحياة وهي تكرر نفسها الناس وهم يعتنقون أوهامهم.. أن تعد المحبة إثما أن تحتفل المدن بالسواد زاهدة بألوان الحياة الكثيرة. 
يختصم فيّ من يتمسك بالحياة ويضعها أولوية، ومن يعيش الفانتازيا ليحلم أن يكون زورو أو روبن هود، أو عروة بن الورد.. لكني أحسم الجدال بيني وبيني.. بنعم أموت من أجل الفكرة لأنني شاعر يموت من دون فكرته. 
كانت علاقتي الأولى بالحرف واللغة حين كنت طفلا يكتب رسائل لأب مسافر ويحاول أن يجد لحناً لمحفوظات كتاب القراءة.. لقد كنت أجد المتعة لكل ما يرتدي الموسيقى لحناً كان أو نصاً أو كلاماً من دون معنى.. وحين مشى بي العمر وزارني الحب مقيما بقلبي، جربت أن أكتب رسائل لوجه حلوة أسرتني ذات مراهقة.. لكن بتردد الشرقي لم أوفق في أن تصل رسائلي وجهتها المبتغاة، وربما لو وصلت لما كنت أنا على ما أنا عليه، وأشكر الحياة على كل حال.
صدر لي ديوان مدونة نبي أعزل عام 2018، وآخر قيد الطبع موسوم بالـ (نسق الغامض للقبلة)، ومخطوط قيد الجمع. 
الكتابة أن تزور طفولتك متى أحببت، أن تخلق عالمك أنت بمشيئتك أنت، أن تزاول ما تحب من دون وجل، لأن الكتابة سؤال الحياة، وهي فعل تمرّدي، فإن كانت الكتابة لا تخرج عن نطاق المسموحات والممنوعات خلقت نصاً مرتبكاً وكاتباً جباناً.. الشعر كما قرأته في تجارب إله هو ثورة اللغة على نفسها.
 أما أحلامي فهي أن لا يزور الفقد البيوت، أن يجري الشعر معي حتى آخر لحظة من العمر، وأن يكون الحب راية والمحبة ديانة، والحبيبات سلطانات هذا العالم المصاب بالضغينة. 
قد لا تسير الحياة كما أتوقع، أنا صديق أحزاني وخيباتي أتغلّب عليها وأنصصها لأكون منتصراً على خسائري، بما أوتيت من ملكة فالحزن صديق الشعر الوفي والخيبة تسقي القصيدة، الحزن لم يجعل مني ورقة خريف ولكنه جعل مني مغنياً يجيد الشدو والشجو.