البيضاني.. ذاكرة متوهِّجة بالقصص

ثقافة 2022/06/03
...

  بغداد: محمد إسماعيل
  تصوير: رغيب أموري
 
اكتظت قاعة الجواهري في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، صباح الأربعاء الماضي، بحشد من مثقفين، احتفاء برواية "دفوف رابعة العدويَّة" للقاص عبد الستار البيضاني، الصادرة عن منشورات الاتحاد، في حفل أداره الناقد علي الفوّاز، وبحضور وكيل وزارة الثقافة د.عماد جاسم.
وقال الفوّاز إن "البيضاني ذاكرة متوهّجة بالقصص، تحمل في تلافيفها تاريخ تحولات القصة التي عاش ظروفها، شاهداً على وجع الإنسان والكتابة والحرب.. الحرب كانت هاجساً أكبر في سرديات البيضاني، فهي عتبة المتخيل الذي قاده الى مقاربة أزمة الإنسان داخل الحكاية".  
وأضاف أنَّ "الرواية لا تنفصل عن هواجسه في بحثه عن الغائب، مدركاً سرائر الأمكنة والشخصيات.. شخصيات البيضاني ممتلئة بالحياة وهي تتحدث عمن خرج من الحرب بتأزم يبحث عن ذاته، ملتقياً بشخوص يتخيلهم حاملين واقعاً عميقاً.. إنها خيال ينفجر.. يذهب بالقارئ إلى أماكن بعيدة لها تمثلات تبحث عن هوية في المكان والمعنى".
أما الكاتبة رنا صباح فقالت عبر مشاركتها في الجلسة: يبدأ العمل باستدعاء شخصيات من مكامنها المعلومة والمجهولة، لتتخلق روائياً، محققة حضورين، أحدهما فني، والآخر رديف للواقع، وسحر يهيمن على القارئ من فكرة غرائبيّة، هي العيش في محجري عيني امرأة اسمها "قبس" رديفة لرابعة العدوية. وأشار رئيس الاتحاد الباحث ناجح المعموري إلى أن عبد الستار متعدد الإبداعات، وقد شاركني مشروعي الخاص عن كلكامش، إنه "مبدع ويغامر قصصيّاً وصحفيّاً، ويتسلّح بعقل نقدي". 
وأضاف: أنَّ "رواية دفوف رابعة العدويَّة، تؤكد أن المرأة هي الضحية الأكبر في الحروب، تتعذب بعيشها المحن، والروائي ذهب بذكاء إلى هذا الاتجاه، مشخصاً الحرب". 
وأشار الناقد علوان السلمان، إلى أن الرواية لا تنتمي للصوفيَّة، العنوان قناع، لعوالم "قبس" فيها إشارتان: الأولى "قبس" تتحدث مع الراوي العليم عن رابعة، والثانية سؤال الراوي عن الدفوف.   وقال: إنّها "رواية سياسية اجتماعية ثقافية اقتصادية، لها خصوصية التركيب، قائمة على الاستباق، ومن نهايتها ندرك أنها من النصوص المفتوحة". أما الناقد حمدي العطار، فقال: إنَّ "الإيقاع الروائي السليم في دفوف رابعة العدويَّة، ناجح جداً، وأنني قرأتها مركزاً على ترتيب النص وتماسك الحوار، عمق السردية ونوع الساردين، يوظف السرد مثل التلفزيون، كصور يحركها ستار". 
وشارك أيضا د. سلام حربه بقوله: إنَّ "الرواية فيها اشتغالات وعوالم تحتاج قراءة تأمليَّة، فهي نص ذو عالم مشحون بالصوفيَّة، قبس تبحث عمن يستحق أن تحبه وتهواه، إنّها قصّة حبّ صوفيَّة".  وتحدث الناقد أمين الموسوي عن قرأته للرواية، وقال: إنَّ "بؤرتها هي فكرتها ذاتها، ونحن نقرأ جزءاً منها نتخلّص من سوء الفهم، هذا أفضل ما خلفته الرواية عندي، وهي تتجه إلى الحب الإلهي، تعويضاً عن الحب البشري". أما القاص شوقي كريم، فقال إنَّ "عبد الستار لم يَرَ أمّه، عاش يتيماً في كنف زوجة أب، وما زال وحيداً حتى وهو متزوج وله أولاد، رافقته نصف قرن، بطيء ودقيق، يهتم بالمكان، معاون طبيب، هجر الطب لصالح 
الإعلام".
ألمح عبد الستار البيضاني عن صحة ما قاله النقاد، لأن قارئ النص هو المؤلف الثاني" وقال، أنا "لا أميل إلى الرواية، وميداني هو القصة القصيرة، أما "دفوف رابعة العدويَّة" فقد بدأت قصة طويلة، حوّلتها إلى رواية ذات مسارين.. أفقي وعمودي، لا يلتقيان هندسيَّاً، إلّا في نقطة واحدة، هي الثقافة.. نسجتها سرديّاً كالحائك.. سدى ولحمة، متنقلاً بالقارئ في رحلة من مكان إلى آخر من دون ملل".
اختتمت الاحتفاليَّة بتقديم باقتي ورد من وكيل وزارة الثقافة د.عماد جاسم، ود. جاسم الحلفي.. وقال د.عماد، إنَّ "الكتاب العراقيون كتبوا، ونحن كمتلقين مهووسون بهم. مثلوا جيلنا، لذا أجد نفسي من جيل تابعهم.. صحافة وسرداً وصدقاً"، مشيراً إلى أن عبد الستار هو شاهد عصر مهم وثق العناء في أيام المحنة، وهو صحفي بارع يسرد بحصافة المحترفين.