إعلانات عسكرية

قضايا عربية ودولية 2022/06/05
...

علي حسن الفواز
يُمكن للخطاب السياسي أن يكون خطابا إعلانيا، وعتبة للترويج عن  مواقف وأدلجات وعسكرات وصناعات للقتل المأجور، وعلى نحوٍ يضع هذا الخطاب في سياق البرامج التي تروّج لخدمات السياسات العامة، والتي كثيرا ما باتت توظفها جهاتٌ متعددة للإثارة، أو للفضائح، أو لحسابات الحرب 
النفسية ودعاياتها..
الخطاب الإعلامي الغربي والأميركي تحوّل إلى سوق صاخبة للإعلانات، لاسيما الإعلانات المسلحة، والتي تكشف عن صواريخ وأسلحة فتاكة، وعن خطط ستراتيجية وبرامج تطهير آيديولوجي، وكأنّ أهداف هذا الضخ الإعلاني تذهب باتجاه “تطويل” الحرب، وتوريط العالم بتقديم الخدمات المجانية للسيد زيلنسيكي، بوصفه رجل أميركا في الشرق الأوروبي، وأنّ تغذية تلك الحرب بالإعلانات النفسية والحربية سيجعل الغرب أكثر ثقة بفكرة الانتصار، وباخراج أهداف السيد بوتين بعيدا عن نوايا تأسيس الجغرافيا الأوراسية..
حرب الإعلانات، هي الخيار الجيوبولتكي الذي اختاره “العقل الأميركي” لضبط إيقاع أزمة الواقع العسكري في أوكرانيا، والتخفيف من أثر نتائجها الكارثية في العالم، ولتحويل أزمات الغذاء والطاقة واللاجئين إلى بروباغندا إعلانية، للضغط على روسيا، ولمنعها من تحقيق أهدافها في أوروبا، وربما لإرباك طموحاتها في بناء قطبية جديدة للصراع الدولي، لاسيما وأن العالم لم يعد يستسيغ العودة إلى “الحرب الباردة” فوسائل التواصل الاجتماعي، والمنصات الإلكترونية، والجيوش الإلكترونية، يمكن أنْ تفضح “المسكوت عنه” وأن تجعل من رجل “الكي جي بي” السابق قريبا من السرير 
الرئاسي الأميركي..
إعلان صواريخ “هيمارس” الأميركية، مع إعلانات صاخبة عن حزمة العقوبات بنسختها السادسة، تقابلها إعلانات روسية عن نجاح الروبل في تجاوز عقدة التضخم، وفي قطع الغاز عن نصف أوروبا، وفي العمل على استقلال إقليم الدونباس. 
هذه الثنائية الإعلانية بدأت تُصيب العالم بالغثيان، وبالخوف من أن تتحول هذه الحرب الاستنزافية إلى تهديد حقيقي للأمن العالمي، ولزيادة منسوبات الفقر واللجوء والجوع، فضلا عن تأثيرها في موت مفاهيم “النظام العالمي” و”المجتمع الدولي” وتعطيل قدرة الأمم المتحدة ومنظماتها العاملة، وتحجيم دورها في منع ال”هؤلاء” من إعادة إنتاج فرانشكتاينات” جديدة تهدد الجميع بالخوف والبشاعة وأوهام الرعب النووي.