ولع الشباب باللوحات.. تحريض أم هواية حقيقيَّة؟

ثقافة 2022/06/08
...

 بغداد: محمد الباقر 
 
بعد أن تخطّت وسائل التواصل الاجتماعي مسألة كونها مجرّد واجهات «لإبراز الموضوعات والأخبار» أصبحت اليوم تشكّلُ مساحة لتقارب الثقافات المختلفة، وتحرّضُ على سلوكيات ثقافيَّة جديدة لعلّ منها ولع الشباب باقتناء اللوحات وحضور المعارض الفنيّة، وطرح آرائهم حولها عبر منصاتهم الشخصيَّة. 
ويرى الكثير من رواد هذه المنصات أن هذا من الأمور الإيجابيّة التي تنعشُ الشارع الثقافي، خاصة مع التردي الحاصل في الذوق العام، فما بين جانب «الطشة» والثقافة الأحادية وتلك المصطنعة وبين الرغبة لما يُظهره الفن الكامن في كثير من تلك اللوحات التي جسّدت حياة الإنسان بجوانبها كافة، هناك كما تقول نبأ كلاي، 24 عامًا، ما بين هذا وذاك تظهر الكثير من التساؤلات.
ورغم اعتراف الشابة نبأ بأنّها لم تقتن أيّة لوحة في حياتها، إلاّ أنها تشعر بحبّ جارفٍ تجاه هذا الفن، وتوضح: أنَّ «اللوحات كما الرواية، هي تروي وتقصّ وترى حتى الحبكة من خلال الألوان». 
وتضيف نبأ بنظرتها المغايرة، أن «اللوحات الرمادية التي تعبّر عن فكرة معينة كأن تكون مجموعة من تدرجات الألوان وبعض الأشكال الهندسيّة أقرب إليَّ، فضلاً عن السوريالية كلوحات دالي، وتلك التي تعبّر عن كلّ ما هو بين (الحياة) بجمالها وصخبها وما بين (السوداوية) إذ تضعك بين عالمين مختلفين بكل ما بداخلهما من واقعيَّة». 
ولا تحبذ نبأ لوحات الورود والأزهار إذ تقول: «لا أعرف السبب، رغم جماليتها الطاغية والطابع الأنثوي، وأفضل عليها تلك التي تجسّد الأماكن المقدسة والأطفال»، وترى أن «هذا الفن وإن تأثر بثقافة معيّنة فله جوانب ايجابية عدة، قد تزيد درجات الوعي عند المتلقي الذي يهتم به».  
 
البحث عن الجمال
رأي نبأ جاء مغايرًا تمامًا عن ما ذكره، محمد كاظم، 29 عامًا، والذي لديّه أكثر من 20 لوحة فنية في منزله.  
محمد لا يعلم شيئًا عما يحمله هذا الفن، كما يقول إنني «أقتني الكثير من اللوحات المختلفة ذات المواضيع السوداوية أو التي تبيّن جماليات الطبيعة، لكنني أفعل ذلك فقط لأجل تزيين جدران المنزل وجعلها أكثر فخامة». 
هذا الفعل قد يكون غريبًا نوعا ماً، لكن هناك الكثير ممّن يقومون به، بحثاً عن الجمال، وأيضًا لكي يظهرون أنفسهم أمام الآخرين بأنهم من مناصري الثقافة الآن. 
ويضيف: أن «هذا الأمر قد يبدو غريباً تجاه ما يقدمه الفن التشكيلي من رسائل جادة، لكن هذا الفعل دفع بالكثير من الذين يتابعون حسابي الخاص على «الانستغرام» إلى شراء اللوحات والاهتمام بها». 
من ناحية أخرى، فإنّ ذلك يحفّز الشباب للتعرف على هذا الفن، وربما الوقوع في مصيدة جماله وعمقه، على وفق تعبيره. 
 
تطوير مهاراتي
ويواجه الكثير من الرسامين الشباب صعوبات جمّة من قبل المحيطين بهم، خاصة في مسألة محاربة المواهب الواعدة بذريعة أنّ «الرسم لا فائدة منه في مجتمعنا»، كما تقول مروة محمد، 20 عاماً. 
مروة التي بدأت الرسم وهي في العاشرة من عمرها، تضيف «أرسم منذ فترة طويلة وهو بالنسبة لي المتنفس الوحيد وعالمي الآخر البعيد عن ترهات المجتمع، وهو أيضا متاهة من الجمال، أتمنى الضياع فيها العمر كله». 
تأثرت الشابة مروة بلوحات الفنانة ليلى العطار والفنان جبر علوان.. لكن «لا فائدة فأنا ولدت في مجتمع يقتل كلّ ما هو جميل وملون ولا يتناسب مع توجهاته». وعلى الرغم من أننا نعلم جيدًا حجم التحديات التي تواجه بعض الموهوبين من الأهل إلّا أنّهم لا يتركون أحلامهم تذهب بعيدًا عنهم. كما توضح «لا أحد يساعدني في تطوير مهاراتي، كما أن أدوات الرسم التي احتاجها باهظة الثمن، «لكنني أحاول أن أدخر ما أحصل عليه من مال، وأرسم بالإمكانيات التي لديَّ، ولن أتوقف حتى لو اضطررت لأنّ أواصل الرسم بمخيلتي».