المنطقة وأزماتها المفتوحة

قضايا عربية ودولية 2022/06/11
...

علي حسن الفواز
العالمُ  لم يعدْ يتحمل المزيد من الأزمات، فالمصالح وإنْ كانت واقعية، إلّا أنّ ربطها بصناعة تلك الأزمات سيكون باعثا على وضع الجميع إزاء صراعات مفتوحة، وكوارث من الصعب السيطرة على تداعياتها، لاسيما تلك التي تتعلق بـ"أزمة الطاقة" وكأن الجميع يتوقعون حدوث" صقيع" قد يُطيح بحكومات وسياسات كبرى.
حرب الطاقة بين روسيا والغرب، فتحت الشهية لحروب "مناطقية" معقدة، يختلط فيها السياسي والأمني والتجاري، وحتى النووي، فأزمة الملف النووي الإيراني أخذت بالتعقيد بعد البيان المشترك الألماني الفرنسي البريطاني، والداعي إلى تسوية القضايا المُعلّقة في الملف – من وجهة نظر تلك الدول- والامتناع عن زيادة تخصيب اليورانيوم، وهو ما جعل إيران ترد إغلاق 27 كاميرا للمراقبة في عدد من محطاتها النووية.
كما أنّ قرار الجزائر بقطع علاقاتها التجارية مع إسبانيا، مع استثناء مؤقت لـ"تجارة الغاز" يُنذر بأزمة إقليمية، وبالذهاب إلى خيارات دولية، وهو ما صرحت به جهات إسبانية بالذهاب إلى المحاكم لحماية مصالحها، وحتى الدفاع عن موقف الحكومة الخاص من أزمة الصحراء بين المغرب والجزائر.
هذه الأزمات لم تكن بعيدة عن "حرب الحقول" بين لبنان والكيان الاسرائيلي، والذي دفع السيد حسن نصر الله للتهديد بمنع الجهات الاسرائيلية من التنقيب عن الغاز في المناطق المتنازع عليها، وهو ما قد يدفع إلى إشعال فتيل حربٍ إقليمية أكثر خطورة من سابقاتها. بالمقابل كانت تهديدات الرئيس التركي الطيب أردوغان التي أطلقها على اليونان، والتي حذّر فيها من تسليح الجزر القريبة من السواحل التركية، فضلا  عما حملته تصريحات أردوغان حول إكمال "المنطقة الآمنة" كما يسميها في الشمال السوري، والتي ستدفع إلى صراع في المنطقة، قد تكون روسيا جزءاً منه، وهو ما يعني الذهاب إلى فتح خيارات أخرى تتجاوز المعالجة العسكرية التركية لصراعها مع حزب العمال الكردستاني.
هذه الأزمات وغيرها تُثير كثيرا من الأسئلة، حول مرجعياتها السياسية، ومرجعياتها الأمنية، وحتى حول توقيتاتها، إذ إنها تكشف عن خفايا وأسرار تتعلّق بتحويل المنطقة إلى ساحة حرب مفتوحة، مقابل تقزيم قضايا أخرى، لاسيما ما يتعلق بأزمات تاريخية، تخص الصراع العربي الإسرائيلي، وتعويم سياسة التهويد الإسرائيلي للقدس، وصولا إلى إيجاد بؤر صراعية تفرض سياساتها الاستحواذية في الشرق الأوسط.