تجليات قلم

الرياضة 2022/06/14
...

خالد جاسم
*تحتفي الأسرة الصحفية العراقية يوم الخامس عشر من الشهر الحالي بالذكرى الثالثة والخمسين بعد المئة لعيد الصحافة العراقية التي تصادف ذكرى صدور أول جريدة عراقية وهي جريدة  - الزوراء - وذلك في الخامس عشر من حزيران عام 1869، وهنا يحضرني قول لميخائيل نعيمة، المفكر اللبناني الشهير جاء فيه :  (لكي يستطيع الكاتب أن يكتب والناشر أن ينشر، فلابد من أمة تقرأ، ولكي تكون لنا أمة تقرأ لابد من حكام يقرؤون) .. فكيف لمن لا يقرأ أن يرعى الأرث الإبداعي لأمته، أو يحافظ على أصحاب الفكر كما يحمي المعالم الوطنية، ويحتفي بميلاد كاتب باكتشاف منجم، أو ثروة طبيعية؟.
كان ستالين، والنازيون على أبواب موسكو، ينادي الشعب الروسي عبر المذياع للمقاومة، صائحاً لشحذ الهمم: (دافعوا عن وطن بوشكين وتولستوي) ذلك أن الأوطان تنسب لكتابها كما تنسب لقادتها، فرنسا بلد فيكتور هيغو كما هي بلد نابليون، وبريطانيا بلد شكسبير، وروسيا موطن بوشكين، وداغستان ما كان العالم ليسمع بها لولا رسول حمزاتوف ولولا ماركيز ماعرف العالم كولومبيا ، وألمانيا ما فتئت تحرص على الانتساب لنيتشه وغوته، لتغطي بعبقريتهما على زمن كانت تنسب فيه لهتلر، ذلك أن أمة تنسب للقتلة لا لمبدعيها ، لا مكان لها في وجدان البشرية، ولن يحترمها التاريخ. لست هنا في موضع المنظر أو المتفلسف بقدر هدفي التطرق إلى موضوع أراه في غاية الحيوية ولا أقول الأهمية ونحن نستذكر عيد الصحافة العراقية وهو موضوع يتصل بالعلاقة بين المسؤول وبين الكاتب ليس بشخصه بل بنتاجه الصحفي لاسيما إذا كانت الكتابة تبتغي الصالح العام وليس إرضاء المسؤول ودغدغة عواطفه ومحاولة تزلفه لتحقيق غاية ما، والمؤسف أن معظم ولا أقول جميع المسؤولين أو من تنطبق صفة المسؤول عليهم في رياضتنا انهم لا يقرؤون .. لا أعني هنا قراءة الكتب والبحوث والدراسات التي تسهم في توسعة آفاقهم وتنور المسالك أمامهم وتضيء دروب عطائهم من أجل تطوير واقع إداء مؤسساتهم الرياضية ، مع أن مثل تلك القراءة مهمة ومطلوبة إذا كان المسؤول حريصاً فعلاً على الكيان الرياضي المسؤول عنه ويبحث عن كل السبل المؤدية إلى النهوض والارتقاء بواقع عطاء مؤسسته الرياضية ، لكن أعني هنا ما تكتبه الصحافة الرياضية وتحديداً ما يكتب من مقالات وتقارير وتحقيقات وغيرها من صنوف الكتابة التي تميط اللثام عن حقائق وممارسات خاطئة أو تكشف عن عيوب ومواطن خلل في هذا المفصل أو ذاك وتدخل في نطاق النقد الهادف الذي يبتغي الإصلاح وليس الاستهداف الشخصي أو التسقيط المعلن أو المبطن , ويخطئ المسؤول إذا اعتقد أو صور له من حوله أن يعطي ما يكتب أو ما يقال الأذن الطرشاء وان ما ينشر ليس سوى ( كلام جرايد ) لايغني ولايسمن عن جوع , هذا التصور للأسف نراه حاضراً بل صار جزءاً من فلسفة السلطة وسلوك القيادة لدى معظم العناوين المسؤولة في الواقع الرياضي الذي تتفاقم فيه الأخطاء وتتراجع معدلات الأداء وتتهاوى النتائج ، نتيجة غياب الرؤى الصحيحة في العمل وافتقاد بعض أصحاب الكراسي والعناوين إلى البوصلة الصادقة التي تؤشر لهم الاتجاهات السليمة ، والصحافة وما تتناوله من كتابات هادفة وإصلاحية هي الجزء الأكثر حيوية في تلك البوصلة ، لكن تبقى مشكلة المسؤول الرياضي عندنا إنه لايقرأ ويكتفي أحياناً بما يوصله إليه بعض المنافقين عما يكتب بطريقة منافية لما كتب أصلاً.