المسابقات الأدبيَّة للشباب.. آفاقٌ جديدة

ثقافة 2022/06/14
...

  بغداد: نوارة محمد
 
شهدتِ الساحة الثقافية في الآونة الأخيرة مشاركاتٍ واسعةً للكُتّاب والشعراء الشباب في المسابقات الأدبيّة والثقافية وفي الميادين كافّة، وهذه المسابقات لا شكَّ ولا ريب في أنها تسهم بإثارة الجدل الواسع وتؤسّس لحراك أدبيّ حقيقي فعّال، ولكن الأهم من ذلك كلّه هل هي تختصر وتعبّد الطرق، وتفتتح آفاقا واسعة وأبواباً جديدة لحائزيها؟ 
 
الجانب المظلم
يقول الكاتب إيهاب شغيدل: قد تفتح المسابقات آفاقاً جديدة للأديب الشابّ، وأبواباً واسعة للشهرة، خصوصًا تلك التي تتعلّق بطباعة النتاج والتسويق له بشكل لائق في ظروف الطباعة الصعبة والعشوائيّة. 
 لكنها مع ذلك، بحسب رأيه، تبدو فخًّا، يعجّل من إيقاع التجربة الأدبيّة، وقد يوقعها في سلسلة من الأخطاء، أغلبها مرتبط بالتسرّع والعجلة.  
فعادة، فوز واحد يكفي لإنتاج عشرة كتب، اعتمادًا على مدى تأثير الاسم الحاصل في المسابقة أو قوته، أما الإغراء المادي فهو الجانب المظلم من العملية، بنظره، لأن الأموال في آخر الأمر لا تصنع نتاجًا أدبيًّا رصينًا، ولا تصنع ثقافة مؤثرة، فضلاً عن أمزجة اللجان وتفضيلاتها الشخصيّة، وقيودها وأيديولوجياتها القابعة تحت أقنعة الجمال والهمّ الثقافيّ، لذا قد تسوق المسابقات نوعًا من الأدب، وفقًا لمعاييرَ ليست أدبية. 
ويشير إلى أن القارئ هنا سيكون ضحية تمّت الإطاحة به عبر إيهامه بأعمال شعريّة وسردية، ليست ذات أهمية، ثم يتدرّب القارئ بشكل آليّ على فهم أن هذا هو الأدب، وهنا تكمن الخطورة التي قد تطيح بالعملية الكتابيّة ككل. 
 
المادة ليست الهدف
ولكن الكاتبة والروائية الشابة غيد آل غرب، التي فازت بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها السابعة عام 2021 عن روايتها “سُكرة مزامير الدم”، وضمن فئة الرواية غير المنشورة، ترى أن المشاركاتِ الأدبيَّةَ في المسابقات محاولةٌ للانفتاح على العالم العربي، وتقول إن “الهدف الأول من مشاركتي في جائزة كتارا هو أن ترى الرواية النور، وأن تصل لجمهور القرّاء في العالم العربي، بعد أن رفضتها العديد من دور النشر، التي قُدمت المخطوطة لها.
وتتابع أن “الطموح ليس عيبًا، فنحن كتّاب ولسنا زهادًا ومن وجهة نظري سعي الكاتب للمشاركة في جائزة أدبية، تضمن له الاعتراف بتميزه الأدبي وامكانياته في الفن الذي يقدمه هي حالة بدهية”.
وتُضيف أن “المادة ليست الهدف بالنسبة للكاتب وإن كان توفرها يخلق للكاتب راحة مالية، لا سيّما أن الكاتب في العالم العربي غالبا ما تشغلهُ الوظيفة، إذ نادرًا ما نجد كاتبًا متفرغًا للكتابة”.
 وفي الحديث عن الشهرة التي تُقدمها فرص الفوز في الجوائز الأدبية، تعتقد آل غرب أنّها محصورة بين جمهور مُعين، “شخصيا أرى أن الشهرة المكتسبة تقتصر على جمهور الوسط الثقافي ونخبة المثقفين، عدا هذا نحنُ ننجُو من الوقوع بفخّ الشهرة التي يتمتع بها اللاعب أو المطرب”.
 
شهرة مستحقة
في حين يرى بعض الأكاديميين أن الجوائز الكُبرى التي تُمنح قد تكون غير محكّمة وغير خاضعة لمنطق الإبداع الحقيقي، لا سيّما في عوالم ما بعد الحداثة، وما صنعته منصات التواصل الاجتماعي من ملابسات وشهرة مستحقة (حقيقية) وغير مستحقة (زائفة). 
 والحقيقة، بحسب الباحث والأكاديمي الدكتور يوسف إسكندر، أن المسابقات والجوائز الأدبية ليست ظاهرة جديدة فلها تأريخ معروف في التراث العربي والعالمي. 
 ويقول إنه: يمكننا أن نتذكر المسابقات في العصور العربية القديمة، لا سيّما في العصر العباسي الذي ازدهرت الجوائز فيه كثيراً. حيث تقف من ورائها فلسفة الدولة والقصر آنذاك. 
ويشير إلى أن الجوائز والمسابقات التي ازدهرت اليوم، فالسبب يعود لأغراض مختلفة، فمنها جوائز تشجيعية ومنها جوائز تكريمية لكبار المبدعين في مختلف صنوف الكتابة. كما وينبغي أن تقف وراء هذه الجوائز التشجيعية والتكريمية مؤسسات راسخة ومحكمون خبراء. 
ويرى أن سياسات ما بعد الحداثة من العوالم التي أسهمت في تغيير هذه النظرة، إذ عمدت جهات غير معروفة أو غير راسخة بتوزيع جوائز غير محكّمة على شتى الكتاب والمبتدئين، فاختلط الأخضر باليابس في هذا الحرث.