الشاعرة كارول آن دفي: الأهم هو ما يحدث من وقائع داخل اللغة

ثقافة 2022/06/16
...

 ترجمة: محمد تركي النصار 
أصدرت كارول آن دفي مجموعات شعرية عدة منها (الوقوف أنثى عارية) و (البلد الآخر) و (زوجة العالم). ولدت في غلاسكو باسكتلندا عام 1955 ونشأت في إنكلترا، وتمّ اختيارها شاعرة للبلاط البريطاني وهي المرأة الأولى التي تحظى بهذا الامتياز الملكي، إذ كانت تتميز باستعمال المفارقة في شعرها. 
روري: يبدو لي بأنّكِ في مهنة الشعر قد فعلت كل شيء يمكنك القيام به، أعني إنّكِ قمت بتدريسه، ونشر الدواوين الشعريّة، فما الذي تعدينه الأمر الأكثر أهمية في مهنتك حتى اللحظة؟ 
 كارول : يا له من سؤال كبير..
روري: (تضحك)، نعم، أعرف بأنه سؤال كبير نبدأ به حوارنا.
كارول: صحيح، لا أعتقد بأنّ الشعر مهنة بالنسبة لي، فكلّ قصيدة جديدة أكتبها، هي ما تمثل مصدر الفرح والإثارة، وهذا هو الأساس بالنسبة لي، ولعلّ من بين الأمور المهمة الأخرى هي كتابة الشعر للأطفال، وهو الشيء الذي لم أقم به قبل ولادة ابنتي، فعندما كانت في الثالثة من عمرها، انتابتني الرغبة لأكتب القصائد وأتقاسم هذه النعمة معها، وهي الآن تبلغ الثالثة والعشرين من العمر.. إنّه لأمر يبعث على الفرح فعلاً.
ميلي: بعد انتهاء فترة اختيارك شاعرة للبلاط الملكي، فضلاً عن كونك المرأة الأولى لهذا المنصب في بريطانيا، هل كان صعباً بالنسبة لك أن توازني بين كونك جريئة وواضحة في الدفاع عن حقوق المرأة وقضاياها المتعدّدة، وبين كونك ناشطة، وربما تقولين بأن بعضاً من قصائدك تعبير عن هذا النشاط؟
 كارول: لا أنظر لنفسي بأنني ناشطة، أنا شاعرة..
ميلي: نعم 
كارول: قصائدي تنبثق من حياتي إذا كانت تعبّر عن جانب من سيرتي الذاتية، وقد تنبثق من خيالي إذا كنت أخلق أساطير أو حكايات مطوّلة.. عندما تكتب أنت تعبّر عن ذاتك.
ميلي: نعم 
كارول: أنت تكتب بحواسك الخمس، بذاكرتك، معبراً عن وجهات نظرك، بلغتك، ولا أعتقد أنني كتبت مرة قصيدة لسبب أبعد من فعل الكتابة ذاته، وبالرغم من انحيازي للنشطاء المدنيين، إلّا إنني لا أعتقد أن الأمر يحتاج إلى موهبة مختلفة.
ميلي: حسناً 
روري: أنت تعرفين بأن اختيارك شاعرة للبلاط الملكي في بريطانيا هو أمر ملهم بالنسبة لناس آخرين، خصوصاً النساء للانخراط بعالم الشعر قراءة وربما كتابة أيضاً، هل يمكن أن نقول بأنك كنت تخلقين نوعاً من المثال الملهم أو الأسطورة أثناء تلك الفترة بالنسبة للشاعرات الشابات لأن يواصلن تحقيق أحلامهن.
 كارول: (بعد توقف طويل).. مرة أخرى إنّه لأمر طريف، أن ترى الآخرين يسألونك هذا النوع من هذه الأسئلة.
 روري: نعم..
كارول: فنقطة الاختلاف بيننا أنك تفكرين بمفهوم الأسطورة، لكنني أختلف..
روري: ماهي الأفكار والمفاهيم التي تفكرين بها إذن؟ ماهو الأمر الأكثر أهمية بالنسبة لك وأنت تكتبين؟
كارول: مايهمني هو الشعري، الأدبي، والحوار هنا هو مع شاعرة، أنا أفكر بمفردات القصيدة، وكيف أنجح في الوصول إليها، كيف أعيد كتابتها، لماذا أكتبها أصلاً، ما الذي تتحدّث عنه، كيف توازن بين الشكل والمضمون.. أنا لا أفكر بما هو خارج الأدب عندما أكتب.
 روري: وانطلاقاً من هذا فإن مايترتب على مابعد الكتابة من نتائج يأتي بالمرتبة الثانية من حيث الأهمية، أنت تكتبين شيئاً معبراً عن ذاتك وقناعاتك، وتقدمينه، وليس مهماً كيف يستقبله الآخرون أو يؤولونه، لأنه يعبر عما تؤمنين به بغض النظر عن درجة التأثير.
 كارول: نعم، عندما تكتبين قصيدة أنت تحلين مسألة عن كتابة هذه القصيدة، لذلك فالأمر المهم هو الشاعر والورقة واللغة، وما يحدث من وقائع داخل هذه اللغة أثناء عملية الكتابة.. ولا أهتم بأي شيء أكثر من هذا عندما أكتب.
روري: واضح تماماً..
 ميلي: كنت هنا عندما جئت إلى الجامعة المرة السابقة، وقدمت محاضرة في بناية ايساك نيوتن، وأتذكّر أنكِ تحدثت عن عملية إحداث نوع من التدمير لإيجاد شيء داخل شيء آخر، مكتوب قبله.. هل تلجئين لهذا كثيراً في كتابتك، مثل النظر إلى عمل شاعر آخر، ومحاولة إيجاد أدوات فيه؟ 
كارول: هل هذا الشيء الذي أمارسه كاف؟ 
ميلي: نعم، فكرة التدمير وإعادة التشكيل وأنت تقرأين شيئاً مكتوباً أصلاً..
كارول: أنت تشيرين هنا إلى كتاب (زوجة العالم) وقد حدث ذلك مصادفة. 
ميلي: حسناً 
كارول: كنت أعيد قصة من كتاب التحولات لأوفيد.. وقرّرت أن أجعل هذا من وجهة نظر السيدة ميداس. 
ميلي: حسنا..
كارول: إنّها القصة الأسطوريّة التي تعبّر عن خطورة اللمس خوفاً من التحول إلى ذهب، وقد تلاعبت بطريقة روايتها وكأنني أخلق شيئاً جديداً من مادتها الأصلية. 
ميلي: نعم 
كارول: كنت مستمتعة جداً بهذا الفعل، وأغراني للقيام بالشيء ذاته مع قصص أخرى من كتاب أوفيد نفسه، واخترت أسطورة تريسياس (الذي كان نبيا أعمى للإله أبولو في مدينة طيبة، اشتُهِر باستبصاره وتحوله إلى امرأة لمدة سبع سنوات).
إنّه نوع من الدوران حول فترة من الزمن في قصائد ديوان (زوجة العالم)، ولم يكن الأمر مخططا له، وقد استهواني ما قمت به، وبالاستمرارية صار عندي ديوان من هذه القصائد على مدى سنتين أو ثلاث، إنها عملية تأتي في سياق التجربة الشعرية أبعد من كونها مشروعا.
 
أجرى الحوار: روري مكغوان وميلي ويبستر لمجلة لنكولن ريفيو