جدل واسع في إيران بشأن المفاوضات النووية

قضايا عربية ودولية 2022/07/04
...

 طهران: محمد صالح صدقيان 
 
أثارت الزيارة غير المعلنة التي قام بها كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري للعاصمة الروسية موسكو السبت الماضي موجة من الانتقادات ذات الاتجاهات المحتلفة داخل المشهد الإيراني ضد سياسة حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي التفاوضية مع الدول الغربية وتحديداً مايخص أداء التفاوض مع الولايات المتحدة حيث لم يقتصر ذلك علی الجناح الإصلاحي وإنما من الجناح الأصولي المتشدد وأن اختلفت اتجاهات هذه الانتقادات . 
وقد سبقت انطلاق المحادثات في العاصمة القطریة الدوحة أجواء متفائلة جداً في إیران، توقعت رفع العراقیل أمام إحیاء الاتفاق عبر حوار شبه مباشر بین طهران وواشنطن. وانعكست الأجواء هذه إيجاباً علی سوق سعر الصرف حیث تراجع الدولار إلی أقل من 30 ألف تومان یوم الخمیس الماضي. لكن، ومع تغیّر الأجواء وتسریب تقاریر سلبیة عن تفاصیل المحادثات في الدوحة عبر وكالة تسنیم للأنباء المحسوبة علی الحرس الثوري، انقلب المشهد لیعود الدولار إلی ما فوق الـ32 ألف تومان خلال یومین. ویجري كل ذلك بینما تشیر آخر الإحصائیات التي أصدرها مركز "أستاتیس" لدراسة الرأی العام، أن نسبة الإیرانیین الذین یرون التفاهم مع الغرب وإحیاء الاتفاق النووي سینقذ اقتصاد البلاد بلغت 55 %. كما أن نسبة شعبیة الرئیس الإیراني إبراهیم رئیسي بقيت تحت الـ28 %، رغم الحملات الإعلامیة الواسعة لتغطیة إنجازاته حسب الإحصائیة.
ففي الوقت الذي رحبت فيه الجهات المحافظة والمتشددة بأداء الوفد التفاوضي، إلا إنها شنت هجوماً لاذعاً علی مقر الاجتماع "الدوحة" الذي ضم كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري والمندوب الأميركي للشأن الإيراني روبرت مالي حيث اعتبره أمام جمعة مدينة مشهد آية الله علم الهدی "لعبة أميركیة للحصول علی ما لم تحصل علیه في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب عبر الدبلوماسیة الناعمة" . لافتاً إلی "أن قطر كانت فخاً أميركياً بامتیاز. دخلت هذه الدولة الخلیجیة باعتبارها سمساراً للمصالح الأميركیة في المنطقة علی خط المفاوضات للتلاعب مع المصالح الإیرانیة، لكن الوفد التفاوضي الذي یرأسه شاب متدین یؤدي صلاة اللیل وقف أمامهم بشجاعة".
كما اعتبرت صحیفة "كیهان" الأصولية أن محادثات الدوحة التي توقفت خلال أقل من یومین هي إنجاز دبلوماسي أثبت مدی جدیة الطرف الإیراني أمام الغرب؛ لكنها شنت هجوماً لاذعاً علی مكان عقد المباحثات وهي الدوحة الذي اعتبرته فخاً نصب لإيران من قبل الولايات المتحدة . 
في المقابل عبّرت الصحافية الإصلاحیة الناشطة في مجال السیاسة الخارجیة فاطمة كلانتري، عن رأیها تجاه ما تعتبره الأوساط السیاسیة فشل المحادثات غیر المباشرة في الدوحة بین إیران وأميركا لإحیاء اتفاق 2015 النووي والتي طالبت الإعلان بشجاعة عن موت الاتفاق النووي الموقع عام 2015. وظهرت موجة أخری من الانتقادات بعد زيارة باقري غير المعلنة لموسكو في أوساط المعارضة الإصلاحیة، التي تنظر إلی الدور الروسي في المفاوضات نظرة سلبیة. واعتبرت هذه الجهات أن الزیارة تأتي في إطار تقدیم التقریر عما جری في الدوحة من المستجدات التفاوضیة بغیاب الوفد الروسي.