السودان والصراع المفتوح

قضايا عربية ودولية 2022/07/06
...

علي حسن الفواز
 
تتصاعد الأزمة السياسية في السودان وسط غموض المواقف، وتواصل اعتصام المتظاهرين في الخرطوم، وغيرها من المدن السودانية، وهو ما يعكس عجزاً بنيوياً عميقاً في ستراتيجيات الانقلابيين، وفي تعاطيهم مع إدارة ملف التشكيل الحكومي، ومعالجة الملف الأمني، وفرض أحكام الطوارئ، وغيرها من الإجراءات التي عطّلت عمل أجهزة الدولة ومؤسساتها.
الاحتجاجات المتواصلة تُمثل مدى السخط والرفض الشعبيين للواقع الانقلابي، مثلما تكشف عن تباطؤ الإجراءات التي تقوم بها الإدارة العسكرية، على مستوى الإصلاح السياسي والأمني، أو على مستوى الانتقال الديمقراطي وتسليم السلطة للمدنيين، أو على مستوى إنجاح الاتفاق بين اللجنة العسكرية وائتلاف الحرية والتغيير،  وهو ما كان عاملاً في تصعيد تلك الاحتجاجات، وإلى توسيع المشاركة النقابية والمهنية والسياسية فيها، والإصرار على مواجهة لجوء السلطات الأمنية للعنف في فضّ الاعتصامات، وعلى نحوٍ دعا الكثير من القوى إلى مواجهة مفتوحة مع السلطات العسكرية.
إنّ ما يجري ليس بعيداً عن الصراع الإقليمي، ولا عن حسابات تشكيل واقع أمني جديد له أبعاده الجيوسياسية، فضلاً عن تداخله مع مشكلات القرن الأفريقي المائية والسياسية والاقتصادية، وهو ما جعل الملف السوداني أكثر خطورة، وأكثر تأثيراً في تفاقم الأزمات المفتوحة في المنطقة، وفي الداخل السوداني، لاسيما في تنفيذ اتفاقية جوبا للسلام بين الأطراف السودانية، واستكمال استحقاقات الوثيقة الدستورية، التي لعب فيها المبعوث الأميركي فيلتمان دورا ضاغطا، مؤكدا دعم الولايات المتحدة للتحوّل الديمقراطي في السودان، وهو ما فعله أيضا ممثل الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمنية جوزيب بوريل، الذي عبّر عن "قلقه البالغ"، داعيا "جميع أصحاب المصلحة والشركاء الإقليميين لإعادة عملية الانتقال إلى مسارها الصحيح".
تعثّر هذه الخيارات وضع الحكم العسكري أمام مأزق جديد، لاسيما بعد التظاهرات الكبرى في 30 حزيران الماضي، التي أوقعت عددا من الضحايا بين المتظاهرين، وأعادت الأوضاع إلى المربع الأول، وإلى الشعارات الداعية إلى رفض هذا الحكم، والدفع باتجاه تواصل التظاهرات والاعتصامات وقطع الطريق على أيّ حلول يقترحها العسكر لتفادي انهيار الوضع والذهاب إلى صراع مفتوح.