اللاعبان الماهران في قطعة الضوء المتلألئة {عاشقان}

ثقافة 2022/07/16
...

 دبي سايمون
 ترجمة: محمد تركي النصار
إنهما إريك إيتاكر* الذي يعد واحداً من أشهر الملحنين في موسيقى الكورال الكلاسيكية، وأوكتافيو باث الشاعر والكاتب والدبلوماسي المكسيكي الحائز  جائزة نوبل عام 1990،   لنبدأ بالحديث عن أوكتافيو باث وقصيدته التي ترجمة عنوانها من الأصل الأسباني تقدم كـ (فتى وفتاة) اطلعت على منشور في إحدى المدونات يوضح التالي: كملاحظة جانبيّة ترجمة هذا العنوان:  ( Los Novios )   صعبة جداً إلى الإنكليزية من دون أن تخسر شيئاً ما.
 
 
 
فالكلمة Novio تعني حبيباً أو شريكاً رومانسيّا من الكلمة اللاتينيّة Novus أو  newوالشيء نفسه بالنسبة للأنثى، وفي اللغة الأسبانيّة عند مضاعفة الإناث والذكور يأخذ الجمع صيغة الذكر بينما Los novios بالإمكان ترجمتها إلى عشّاق أو أحباب أو خلان.
 من الواضح هنا أنَّ النصّ يتحدث عن عاشق وعاشقة وليس فيه أي إحالة مثليَّة. 
وترجمته بـ (عاشق وعاشقة) يبدو ثقيلاً وغير ملائم، لذلك قرّرت أن أترجمه (عاشقان) وهو ما يبدو لي أن الشاعر أوكتافيو باث جسّده في القصيدة.
بالإمكان العثور على عدد من المعاني المحتملة لهذه القصيدة، وقبل أن استطرد ونظراً لقصر القصيدة دعوني أضمنها مترجمة من المصدر الذي أشرت إليه:
 
فتى وفتاة 
يضطجعان على العشب.
يأكلان البرتقال،
يتبادلان القبل
مثل موجتين تتبادلان الزبد.
فتى وفتاة 
يستلقيان على الشاطئ
يتناولان الليمون
يقبلان بعضهما بعضا
مثل غيمتين تتبادلان الرغوات.
فتى وفتاة 
يتمددان تحت الأرض
لا يقولان شيئاً
لا يقبلان بعضهما بعضا
يتبادلان صمتاً بصمت.
يبرز هنا سؤالان للوهلة الأولى: لماذا تذكر كلمة موجتين في النص عندما يكون العاشقان مضطجعين على العشب وليس عندما يكونان مستلقين على الشاطئ؟.
والسؤال الثاني: هل تمتلك الأمواج رغوات؟ 
ما يقدم في القصيدة هو تطور علاقة رومانسيّة يعبر عنها بالمقاطع الثلاثة القصيرة.
المرحلة الأولى، يرمز فيها أكل البرتقال لشغف العلاقة الرومانسيّة الطازج في أول التعارف (فعل الأكل له إيحاء جنسي في المكسيك، كما هو في ثقافات أخرى متعددة) وفعل التبادل يرمز له بالموجتين لكن العاشقين ومع توسع علاقتهما يختبئان في العشب.
 في المقطع الثاني يتحول البرتقال إلى ليمون، من الفاكهة الحلوة إلى الفاكهة الحامضة، يصيران الآن في المنطقة المفتوحة، على الشاطئ، وتغدوعلاقتهما الآن فيها نوع من الهشاشة، هنا لدينا غيمتان بدل موجتين، إذ يستعمل باث الغيمتين ليرمز إلى حالة الهشّاشة وبداية انتهاء العلاقة بوصفها توازناً واهياً بين الماء والهواء، وربما تعني كلمة رغوة بالإسبانية زبداً وتمّ استعمالها بمعنى رذاذ مع ملاحظة أن كلمة “هما” في هذا المقطع تم حذفها من عبارة يتبادلان الرغوات ثمة عنصر شخصي حميم صار يختفي الآن بين العاشقين.
المرحلة الثالثة، حيث تختفي القبلات تماماً والعاشقان الآن تحت التراب ويكون من السطحية القول بأنهما ميتان والأنسب هو رؤيتهما مشلولين ومعزولين، حيث لا شغف لا قبل لا حميميّة، ولا هواء مفتوحا، لا شيء في المشهد الساكن الكئيب سوى الصمت
فقط.
 هكذا أرى القصيدة على أية حال ولا يمكن الخلوص إلى فكرة واحدة سواء بالنسبة لهذه القصيدة أو غيرها، وإلا لماذا تكتب القصيدة أصلا إن لم تكن مفتوحة على أفق متعدد الدلالات؟ قد يكون تعليق إريك إيتاكر هو الأكثر تعبيراً: قصيدة (عاشقان) قطعة رقيقة رائعة، وببساطة حاولت أن أندغم مع النص لأعثر على الموسيقى المتخفيّة في الكلمات، مضيفاً: (غالبا ما يسألني بعضهم عن مؤلفاتي الموسيقية الأقرب إلى نفسي، وأجيب بأنني لا أفضل أي عمل على البقية، لكنني أشعر بأن الوحدات الأربع التي ترسم موسيقياً عبارة (لا تقبيل أبداً) ربما تمثل النوطة الأكثر حقيقية التي كتبتها في حياتي لهذا
العمل..
بالنسبة لي، كلمة (المتلألئة) تبدو جيدة لوصف العمل بوصفه وحدة كليّة، تردد الموسيقى صور الغيوم، الأمواج، والرذاذ تخلق خلفية موسيقية رائعة لمعرض تشكيلي يضم لوحات انطباعيّة، وأنا من عشاق كل مايتعلق بالأشياء الانطباعيّة.
  * ملحن أميركي وقائد فرقة بموسيقى الكورال تم تعيينه كأول فنان مقيم في قاعة حفلات والت دزني